بعد تراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أول من أمس، عن تنفيذ ضربة عسكرية وشيكة لسورية وسعيه للحصول على موافقة الكونجرس، وهي مغامرة ستختبر مدى قدرته على استعراض قوة أميركا في الخارج واستغلال نفوذه في الداخل، شنت بعض وسائل الإعلام الأميركية هجوما شديدا عليه.

فقد وصف السفير الأميركى السابق بالأمم المتحدة جون بولتون، في مقابلة مع تلفزيون "فوكس نيوز"، أوباما، بأنه أضعف رئيس للولايات المتحدة منذ الحرب الأهلية في أميركا. وأضاف: "نحن نشاهد الآن، انهيار قوة وتأثير أميركا في الشرق الأوسط. كنت أفضل أن أرى رئيسا أقوى، وسياسة خارجية قوية ودولة أميركية قوية في العالم، كما كانت في السابق"، مشيرا إلى مماطلة أوباما في شن هجوم عسكري على النظام السوري وأنه وقع في الخطأ عندما أعلن عن توجيه ضربة عسكرية ضد سورية وأعاد الأمر برمته للتشاور مع الكونجرس، مؤكدا صعوبة ما يطلبه أوباما مع الكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون". وأكد بولتون أن أوباما وقع في خطأ ثان عندما قرر المشاركة في قمة العشرين في سان بطرسبورج في روسيا، وكان يتوجب عليه أن يطلب اجتماعا عاجلا مع الكونجرس لحسم الأمر.

أما السيناتور جون ماكين، فانتقد تعامل أوباما مع الملف السوري وقال في بيان، إن أي عملية ضد سورية يجب أن تكون أوسع نطاقا وليست "محدودة"، كما وصفها أوباما.

وأضاف في البيان: "كيف يمكن أن نوجه ضربات عسكرية إلى نظام مستبد ونحن نعلم أن هذه الضربات لن تغير شيئا من المعادلة ولن تغير ما يحصل في ساحة المعركة التي يشنها بشار الأسد ضد شعبه، لا بد أن نسعى لإزالة الأسد من السلطة ونضع حدا لهذا الصراع، خاصة وأن النظام السوري يعتبر تهديدا متناميا لمصالح أمننا القومي".

وتابع: "أي شيء غير ذلك سيكون ردا غير صريح ضد الجرائم التي يقوم بها الأسد وقواته، كما أن عجز أوباما عن شن هجوم كامل ضد الأسد سيرسل رسالة خاطئة لأصدقاء أميركا وحلفائها والمعارضة السورية وإيران والعالم. إنهم جميعا يراقبون عن كثب ما ستفعله أميركا".

أما قناة "سي إن إن" فقالت: إنه على الرغم من الأدلة التي قدمها وزير الخارجية جون كيري حول تورط نظام بشار الأسد في هجوم بغاز السارين السام ضد المدنيين في الغوطة الشرقية، فإن الجميع توقعوا أن يعلن أوباما عن توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري، إلا أن كل ذلك تبدد أمام طلب أوباما الموافقة على التحرك العسكري من قبل الكونجرس، ما أثار كثيرا من الانتقادات للكل، سواء من يؤيدون التدخل العسكري في سورية أو من يرفضونه.

وتركزت نقاط انتقاد وسائل الإعلام أمس حول سياسة أوباما الخارجية، بغض النظر عن قضية سورية، في الإحراج الذي قد يتعرض له أوباما في الكونجرس في حال رفض أعضائه أي هجمة عسكرية ضد سورية، خاصة من قبل الجمهوريين، وهو ما يعد مغامرة غير محسوبة من الرئيس. وأيضا في الخلاف الذي قد يتحول إلى حرب أخرى بين أوباما ووزير خارجيته الذي مهد بشكل مقنع للإعلان عن ضربة عسكرية محدودة ضد سورية، وأيضا تحليلات سياسية تتساءل حول هدف أوباما من التشاور مع الكونجرس بهذا الخصوص بعد أن وضعت الإدارة الأميركية آليات الحرب في وضع الاستعداد في مراكز عدة بالقرب من دمشق.