يسألني (أحدهم): لماذا تكثر من استخدام (الأقواس) في الكتابة حتى أصبحت لك (لزمة) وملكية فكرية؟ هل هو الاحتماء ما بين (القوسين) أم خوف من القادم والمجهول؟ والحقيقة أن سؤال أخي القارئ رغم بساطته يبعث في داخلي كل أسئلة المستقبل والحرية. المسألة برمتها ليست مجرد قوسين شاردين للتنصيص أو لتحييد مفردة أعجمية في شبك ما بين قوسين عن بنات عمها من الكلمات العربية. ومن المفارقة المدهشة في سؤال هذا القارئ الكريم أنني اكتشفت أنني أضع المفردة (الإنجليزية) ما بين قوسين داخل شبك، بينما تسبح كلمات العربية حرة من رأس المقال إلى نهايته. أطلق العنان للغة الاضطهاد والكبت، ثم أضطهد لغة الحرية حين أكتبها ما بين قوسين. هي مجرد حيلة كتابية على مفاهيم ومصطلحات العبودية و(الحرية). وحين أعيد استكشاف بعض طرائق الكتابة وأساليبها (أكتشف) أنني، مع غيري من الكثر، إنما نرسم لوحة (كارتونية) كاريكاتيرية عن الأنساق والقيم أكثر مما نكتب مقالاً بفكرة وحروف وكلمات وجمل. تعلمت مع اللغة العربية قراءة أو كتابة أنها لغة (الحياة ما بين الأقواس). وحين أقارنها (بالإنجليزية) أجد ما يلي: في العربية لا يوجد فعل للدلالة على المستقبل إلا بإضافات (السين) أو المضارع الذي لا يدل على المستقبل فقط! بينما مضارع (الإنجليزية) وحاضرها دلالة مستقبل، في العربية فعل (للأمر) وجديد مستحدث للنهي والجزم بينما لا نظير لهذا (الأمر) في الإنجليزية، في العربية تقابلية الفرد مع (المثنى) لأن للثنائي في النسق العربي سطوة وسلطة هرمية تتعدى مفاهيم التجذير اللغوي بينما تتعامل (الإنجليزية) مع البشر بتقابلية (المفرد والجمع)، وهنا وضعت المصطلحين أيضاً بين قوسين ككبت (للحرية)، في العربية تخصيص (لنون النسوة وتاء التأنيث) ولا فرق مطلقاً في الإنجليزية في دلالة ما يسمى بـ(Gender). وهنا انتهت المساحة ولكن خذوها على مسؤوليتي: كل دلالات (النحو التوليدي) لأي لغة إنما تقيس تعامل أهلها وناطقيها مع قياسات الإبداع والحرية والاضطهاد والكبت.