أظهرت المباريات التي لعبتها فرق دوري جميل لكرة القدم للمحترفين حتى الآن في المسابقة تبايناً في مستوى تحضيراتها، جاء نتيجة حتمية للجدولة الجديدة للدوري، بجانب النهاية المتأخرة لمنافسات الموسم الماضي.

وكانت فرق الدوري السعودي قد اعتادت في المواسم الماضية على استهلال معسكراتها في توقيت مبكر، نظراً لانطلاق مباريات الدوري خلال رمضان قبل توقفه في نهاية الشهر واستئنافه بعد عيد الفطر.

وأجبر الموعد الجديد عدة أندية على بدء معسكراتها الخارجية والمحلية قبل رمضان بفترة بسيطة، فيما اختارت أخرى البدء في رمضان، وعلى الطرف الآخر أرجأت أندية معسكراتها إلى ما بعد رمضان، وكان اللافت في الأمر اكتفاء بعض الأندية بمعسكرات داخلية بسبب ظروفها المالية، أو لرؤية أجهزتها الفنية أفضلية البقاء محلياً لتقارب الأجواء..

"الوطن" وفي قراءة لتلك التحضيرات رصدت آراء بعض الخبراء حول أهمية تلك المعسكرات والتأثير الذي تركه تعارضها مع رمضان.

تحضير مبكر

سبق الشعلة الجميع بمغادرته إلى مدينة بولو التركية في الـ21 من يونيو الماضي، وأمضى الفريق هناك أسبوعين وقف خلالها مدربه التونسي أحمد العجلاني على جاهزية لاعبيه، وإن اكتفى بخوض مباراة ودية وحيدة أمام فيتورال التركي كسبها بنتيجة 3-2، وفي الوقت الذي غادر الفيصلي إلى إيطاليا في الثلث الأخير من يوليو الماضي لإقامة معسكر إعدادي هناك، اختار التعاونيون مدينة سوسة التونسية مقراً لتحضير فريقهم قبل العودة من جديد إلى القصيم وإقامة معسكر داخلي في أحد فنادق بريدة الشهيرة.

وجهة أوروبية

جاء اختيار الشباب والهلال أوروبياً، إذ غادر الأول إلى بلجيكا في الثالث من يوليو ومكث فيها حتى الـ18 منه، بينما توجه الثاني إلى النمسا في 28 يونيو واستمر هناك حتى 17 يوليو، وخاضا خلال معسكريهما عدداً من المباريات الودية، ورغم الصفقات البارزة التي أبرمها الناديان وكلفت خزينتيهما الكثير، نجحت إدارة الشباب في التخلص من أي أعباء مالية جراء هذا المعسكر بتسويقها الاحترافي وحصولها على رعاية شركة سنابل السلام للمعسكر ليحمل اسم الراعي ووضع شعاره على قمصان اللاعبين خلال التدريبات والمباريات الودية، وعلى الطرف الهلالي كان لعضو شرف النادي وعضو مجلس الإدارة حسن الناقور دوراً بارزاً بتكفله شخصياً بتكاليف المعسكر.

الأهلي محلياً

بعد نقاشات ومشاورات إدارية وفنية، رأت الإدارة الأهلاوية أن يكتفي فريقها الأول بمعسكر داخلي في أبها بعد أن رأت أن فكرة المعسكر الخارجي تتعارض مع شهر رمضان ولن تفيد الفريق فنياً، وأسهم مكان مباراة الفريق ذهاباً أمام سيئول الكور الجنوبي بملعب مدينة الملك عبد العزيز بالشرائع، في تشجيع الإدارة على الاختيار المحلي، على أن يقام آخر خارجي قصير للتحضير لمباراة الإياب والتي سيخوضها الأهلي في كوريا في الـ18 من سبتمبر المقبل.

ديون وأزمة

عصفت الديون والأزمة المالية من جهة والتعاقدات الجديدة من أخرى بمخططات إداراتي الاتحاد والنصر لتجهيز فريقيهما في برشلونة الإسبانية، وأجبرت الضائقة المالية الاتحاديين على الاكتفاء بالاستعدادات المحلية في وقت متأخر جداً، حرم الفريق من المشاركة في بطولات ودية إماراتية لعدم اكتمال الفريق عناصرياً، بينما حول النصر وجهته إلى تركيا بعد العيد، قبل أن يعود من جديد ويقر إلغاءه نهائياً بسبب أزمة مالية، خاصة بعد صفقة التعاقد مع صانع الألعاب يحيى الشهري التي تجاوزت خمسين مليونا بحسب تقارير صحافية، بالإضافة إلى تأخر رواتب لاعبي الفريق التي تصل إلى أكثر من أربعة أشهر، وكاد يحرم الفريق من تسجيل لاعبيه الأجانب قبل مباراة نجران في الجولة الأولى من دوري جميل قبل أن تنجح إدارة النادي بصعوبة في تخطي الأزمة.

اكتفاء وتأخير

واكتفى الرائد بمعسكر داخلي في الرياض والقصيم لعب خلاله عدداً من المباريات الودية مع أندية دوري جميل وركاء، بعد أن تكبدت إدارته خسائر مادية تسبب فيها التوقيع من قبل لجنة خماسية مع سبعة لاعبين تقريباً، رفضهم المدرب الجزائري نور الدين زكري.

في المقابل طار فريقا نجران والاتفاق إلى معسكريهما الخارجيين في تركيا وألمانيا على التوالي، وفي توقيت بدا متأخراً؛ حيث غادرا بعد عيد الفطر المبارك، أما الوافدان الجديدان العروبة والنهضة، فاختار الأول أبو ظبي ولعب هناك عددا من المباريات الودية مع الأندية الإماراتية، في وقت غادر النهضة في النصف الأخير من رمضان إلى تركيا لإقامة معسكر إعدادي هناك.

الرومي: تحضير ناقص

أكد المحلل بالقنوات الرياضية السعودية عبدالرحمن الرومي، أن "توافق بداية الموسم مع فصل الصيف وحرارته تصعب مهمة الجهاز الفني في إقرار التمارين الصباحية والمسائية، التي تعد ضرورية في هذا التوقيت بالذات، الأمر الذي اختارت معه كثير من الأندية مثل الشباب والهلال والفتح والفيصلي والشعلة والنهضة الاستعداد خارجياً وبطريقة مثالية، بينما شاهدنا فرقاً اكتفت بالمعسكر الداخلي كالنصر والاتحاد وغيرهما، تعاني من إصابات لاعبيها على الرغم من أننا في بداية الموسم لنقص التحضيرات"، مشيراً إلى النصر عانى قبل بداية الجولة الأولى بافتقاده خدمات لاعبيه حسين عبدالغني وخالد الغامدي والبرازيلي إلتون وعبدالله العنزي أمام نجران بجانب إبراهيم غالب الذي عاد قبل المباراة بيوم، مبيناً أن إصاباتهم جميعها عضلية.

وقلل الرومي من تأثير تأخر تحضير بعض الأندية كالاتفاق ونجران، مشيراً إلى أن الأهم قوة وجدية الاستعداد، وفرض تدريبات صباحية ومسائية مكثفة، مؤكداً أن الاستعداد محلياً "يُصعب على جسم اللاعب تحمل التمارين، وبالتالي ومع بداية الدوري تظهر إصابات التمزق والإصابات العضلية، بعكس التحضير الخارجي القوي والمفيد للاعبين"، مشدداً على تأثير شهر رمضان في استعدادات الأندية وعلى اللاعبين لياقياً وبدنياً، وأضاف "معظم إن لم يكن جميع اللاعبين السعوديين لا ينامون ليلاً خلال هذا الشهر، ولأن الموسم يبدأ بعد رمضان بأسبوعين، فمن الضروري أن يكون الاستعداد متواصلا في رمضان وقبله".

كيال: المحلي أفضل

وجاء رأي مدير الكرة السابق في النادي الأهلي طارق كيال، مخالفاً عندما أوضح أن الأندية ستواجه مشكلة في تحضيراتها هذا الموسم وأيضاً الموسم المقبل لتداخلها مع شهر رمضان، ولضرورة وجود تدريبات صباحية ومسائية سيكون فرض الأولى أمراً صعباً بسبب الصيام، وقال "المعسكرات الخارجية، خاصة في أوروبا، غير مفيدة خلال رمضان لأن النهار طويل جداً والليل قصير، وبالتالي المعسكرات الداخلية في مناطق مرتفعة كأبها والباحة والطائف مناسبة، لأن بداية التحضير لابد أن تكون في مناطق مرتفعة لقلة الأوكسجين ولمدة أسبوعين ومن ثم تعود للمستوى الطبيعي، والأندية مجبرة وليست مخيرة في الاستعداد داخلياً". واستبعد كيال أن يكون معسكر الأهلي الداخلي بسبب مباراة سيئول الكوري التي لعبت في مكة المكرمة، مشيراً إلى أن الفنادق المميزة بجانب الملاعب الرياضية وصالات الحديد المؤهلة، في حال توفرت في مدن أبها والطائف والباحة سيجعلها الخيار الأفضل وبمراحل عن أوروبا. وأكد كيال صعوبة إيجاد الاتحاد السعودي لكرة القدم حلاً لمشكلة تداخل رمضان مع استعدادات الأندية، مبيناً أن "هذا مرتبط بالاتحاد الدولي الذي يفرض على جميع الاتحادات إنهاء مسابقاتها في 15 مايو للتفرغ لكأس العالم، والموسم لدينا طويل ولا يمكن للاتحاد أن يؤخر بداية الموسم"، مشيراً إلى أن هذه المشكلة تواجهنا فقط، بينما لا تعاني منها بقية دول العالم.