قال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل "إن رفض النظام السوري لكل المحاولات العربية المخلصة والجادة، ورفضه للتعاون مع كافة المبادرات، وإصراره على المضي قدماً في غيه، وارتكابه المجازر المروعة بحق شعبه وأبناء جلدته، خصوصا بعد استخدام السلاح الكيماوي المحرم دوليا في مجزرة ريف دمشق الأخيرة، إن هذا الأمر بات يتطلب موقفا دوليا حازما وجادا لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري، خصوصا أن النظام السوري فقد هويته العربية ولم يعد ينتمي بأي شكل من الأشكال للحضارة السورية التي كانت دائما قلب العروبة".
وأبدى الفيصل ارتياحه البالغ لما تشهده مصر من عودة للهدوء والأمن والاستقرار، وذلك في إطار الجهود الجادة للحكومة المصرية الانتقالية، والمستندة على خارطة المستقبل السياسي الذي رسمته لعودة الحياة الدستورية، وبمشاركة كافة القوى والتيارات السياسية دون استثناء. وهو الأمر الذي يبعث على الأمل في عودة مصر لممارسة دورها الإقليمي والدولي الهام.
جاء ذلك في كلمته لدى ترؤسه الجانب السعودي في اللجنة السعودية المغربية المشتركة للتعاون الثنائي في دورتها الـ12 بجدة أمس، ومضى يقول "مهما تعددت القضايا والأزمات في المنطقة العربية، إلا أن القضية الفلسطينية تظل هي قضية العرب الأولى، ولا ينبغي أن تغيب عن جهودنا الرامية إلى إيجاد الحل العادل والدائم والشامل المستند على مبادرة السلام العربية، لتحقيق أهداف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعليه فإن نجاح مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية المستأنفة مؤخرا، مرهون بالدرجة الأولى بالتزام إسرائيل بعملية السلام، وبمبادئه وأسسه القائمة على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها والاتفاقات المبرمة، والكف عن سياساتها اللامشروعة والأحادية الجانب، وعلى رأسها الاستمرار في بناء المستعمرات وتوسيع القائم منها".
وقد افتتح الفيصل كلمته في المؤتمر بقوله "إن مسيرة التطور الكبير والهائل الذي تشهده بلدانا وفي كافة المجالات لا يمكن أن تخطئها العين، خصوصا في المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد كان وما زال هدف هذا التطور الإنسان، ومحوره البناء والنماء، ودافعه طموح قيادتينا وتوجيهاتهم الكريمة، ووقوده تطلعات شعبينا لحاضر ومستقبل آمن مستقر ومزدهر".
وتابع "أن هذا الواقع البناء، يضع هذه اللجنة أمام تحد كبير ومسؤولية متعاظمة لمواكبة هذا التطور السريع والشامل في تعزيز العلاقات الثنائية، وذلك بالسير على نفس النهج وبنفس الزخم والوتيرة المتسارعة، ومضاعفة الجهد لمقابلة طموحات وتطلعات قيادتينا وشعبينا، خصوصا في ظل الإرادة السياسية الحاضرة بقوة للدفع بمستوى التعاون والارتقاء به لأفضل المستويات، فالوقت أيها الإخوة ليس في صالح إلا من يعمل لكسب الوقت".
وأردف قائلا "إن اجتماعنا اليوم، يعتبر نقطة مضيئة، وأنموذجا لما يجب أن تحتذي بها العلاقات العربية - العربية، إلا أننا وللأسف الشديد بدأنا نشهد العديد من الأزمات والظروف المؤسفة والمؤلمة التي تعيشها بعض دولنا وشعوبنا العربية، بعضها نابع من الداخل، وكثير منها ناتج عن التدخل السافر في شؤوننا وقضايانا العربية، وذلك في وقت سخر لنا الله فيه كل إمكانات التعاون والتكامل فيما بيننا التي تؤهلنا لإدارة شؤون أوطاننا وإدارة قضايانا بسواعدنا".
وقال "إننا وأمام هذا الواقع المؤلم مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالوقوف صفاً واحداً لمواجهة هذه التحديات الجسيمة، وصيانة أمن واستقرار أوطاننا وحماية مقدرات شعوبنا. والعمل جديا على منع التدخل الخارجي في شؤوننا سواء على المستوى الوطني، أو على المستوى القومي".
يذكر أن هذه الدورة للجنة السعودية المغربية المشتركة للتعاون الثنائي عقدت في إطار التوجيهات السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأخيه الملك محمد السادس وما يوليانه من دعم مستمر ورعاية دائمة للعلاقات المتميزة بين المملكتين واستمراراً للاتصالات والتشاور الأخوي بين قيادتي البلدين في كل ما يهم الأمتين العربية والإسلامية والقضايا الإقليمية والدولية.
استقبل وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بقصره في جدة أمس، وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، ونائب رئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، والوفد المرافق لهما، بحضور نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله. وجرى خلال الاجتماعين بحث كافة القضايا في المنطقة، ومنها التطورات على الساحة السورية.
إلى ذلك، تلقى وزير الخارجية بجمهورية مصر العربية نبيل فهمي، أمس، رسالة من الأمير سعود الفيصل، تناولت وفق ما بثته "وكالة أنباء الشرق الأوسط" العلاقات الثنائية، وعددا من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
من جهتها، ذكرت الخارجية التركية في بيان لها، أن أوغلو ناقش مع الأمير سعود الفيصل تطورات الأوضاع في سورية ومصر.
وفي هذا الإطار، أوضح الدبلوماسي السعودي السابق المتخصص في الشؤون التركية الدكتور عبدالله الشمري في تصريح إلى"الوطن" أن زيارة الوزير التركي تأتي في إطار تحركات واتصالات دبلوماسية تركية مكثفة تستهدف وضع حد للمجازر التي يتعرض لها الشعب السوري، إلى جانب بحث الأوضاع الجارية في مصر، وسط جهود تركية للعمل مع السعودية لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين النظام السوري على أفعاله والعمل على معاقبته على المجازر اليومية المرتكبة بحق الشعب السوري.
وأشار الشمري إلى أنه ومنذ الثالث من يوليو الفائت ومواقف المملكة والتركية تتباين وتتباعد بشأن الموقف من التغيير في مصر بسبب شعور تركيا بالصدمة ومنع التغيير في مصر، باعتبار أن تركيا نظرت للتغيير على أنه موجه ضدها، وبالتالي اعتبرت تركيا أنها هي الخاسرة من الأحداث الأخيرة في مصر، وقال: "إن تركيا ترى أن التغيير في مصر سيكون بداية لاضمحلال النفوذ التركي في الشرق الأوسط وسيخفف من رغبة تركيا المنفتحة عربيا، خاصة بعد الخسائر الجسيمة سياسيا واقتصاديا بسبب الأزمة السورية".
وأضاف "المملكة تفهمت الموقف التركي.. إلا أن استمرار تركيا في النقد اليومي جعل جهات سعودية وخليجية ترى أن موقف تركيا محرض ضد الحكومة الانتقالية في مصر، وهذا لن يكون في صالح الاستقرار المصري، كما أنه يعد تدخلا سافرا في شؤون دولة عربية ذات سيادة".
وأشار الشمري أن أوساطا سياسية وإعلامية تركية ذكرت صراحة أن تركيا ستقود مبادرة من بنود سبعة وهي "الإفراج الفوري عن الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي، وإنهاء الاعتقالات التعسفية ضد جماعة الإخوان المسلمين، وإعادة فتح وتشغيل جميع القنوات والمؤسسات الإعلامية التي تم إغلاقها عقب الانقلاب، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين من الإخوان المسلمين، وتوقف الإخوان المسلمين عن المظاهرات في الشوارع، وتكوين حكومة "تكنوقراط" موقتة، ومن ثم إجراء انتخابات حرة نزيهة.