72 ساعة فقط، تفصل المفتشين الدوليين عن مغادرة الأراضي السورية التي ستتم بحد أقصى الأحد، في مؤشر قد يعطي موعدا زمنيا للضربة العسكرية المرتقبة ضد نظام الأسد، تدعمها تصريحات وزير الدفاع الأميركي تشاك هيجل التي قال فيها "نحن مستعدون وجهزنا إمكاناتنا لنتمكن من تنفيذ أي خيار يرغب فيه الرئيس الأميركي (باراك أوباما)، ونحن على أهبة الاستعداد للتحرك بسرعة".
هذا التطور في المشهد، تقاطع مع فشل مجلس الأمن الدولي في تمرير قرار حول الأزمة السورية تحت الفصل السابع، ويجيز استخدام القوة. وبعيدا عن دهاليز الأمم المتحدة، تواصل عواصم القرار السياسي الغربي اتصالاتها ومشاوارتها بعد استكمال الاستعدادات العسكرية لتوجيه الضربة المرتقبة. وأفادت معلومات من واشنطن أن إيران انضمت إلى روسيا في التخلي عن نظام الأسد وغض الطرف عن الضربة العسكرية، وذلك بعدما تلقت طهران تأكيدات من واشنطن بأن الضربة ستطال أهدافاً محددة.
وفيما كشفت مصادر في المعارضة السورية لـ"الوطن" أن قيادة أركان الجيش السوري الحر، تسلمت قبل أيام، شحنة سلاحٍ من واشنطن، ناقش وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بجدة أمس مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو، ونائب رئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، كافة القضايا في المنطقة ومنها التطورات على الساحة السورية.
انضم النظام الإيراني لنظيره الروسي في التخلي عن نظام الأسد وغض الطرف عن الضربة العسكرية، التي يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية بتوجيهها للنظام السوري رداً على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المواطنين العزل بريف دمشق فجر الأربعاء الماضي.
وقالت مصادر مطلعة أن طهران حصلت على تأكيدات أميركية أن هناك أهدافاً محددة داخل سورية ستتعرض لضربات عسكرية، وذلك خلال زيارة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان لها. وأن واشنطن تدرس تنفيذ عملية عسكرية "خاطفة وقوية التأثير" للحيلولة دون انخراط الولايات المتحدة بشكل أعمق في الحرب التي تشهدها البلاد. وأضافت أن الهجوم ربما لن يستغرق أكثر من يومين. بدوره أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، للمبعوث الأميركي أن بلاده لن تنجر نحو الحرب في سورية.
وأضاف أن دمشق قادرة على الدفاع عن نفسها. وكان لافتاً أن المبعوث الأممي التقى ظريف في غرفة تخلو من العلم الإيراني وصورة الخميني، مما دعا الحرس الثوري للاحتجاج في صفحته على موقع فيسبوك، مشيراً إلى أن فيلتمان، زار طهران بصفته مبعوثاً مباشراً من الرئيس الأميركي باراك أوباما، حاملاً رسالة من واشنطن، وليس كمجرد مبعوث أممي وحسب.
من جهة أخرى، نفت الخارجية الإيرانية صحة ما ذكرته مصادر دبلوماسية غربية بواشنطن أن الرئيس السوري بشار الأسد توجه إلى طهران استباقاً للغارة العسكرية المتوقعة. وأضافت المصادر أن النظام الإيراني طلب من الأسد البقاء في طهران حتى تتضح الصورة بشكل أكبر، مشدِّدة على أن الخوف من رد الفعل الغربي يسيطر على كثير من المسؤولين السوريين وضباط الجيش، الذين بادر معظمهم إلى تهريب أسرته إلى طهران وبيروت، على نحو ما انفردت به "الوطن" في عددها أمس.
إلى ذلك، استمرت قوات الرئيس الأسد في ارتكاب جرائمها ولم تكتف بقصف المعارضين بالسلاح الكيماوي، إذ أسقطت قنابل الفوسفور والنابالم على المدنيين بريف حلب في وقت متأخر من ليل أول من أمس، مما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة العشرات. وأظهرت صور نشرها ناشطون عبر الإنترنت أطباء يدهنون أجساد بعض الأشخاص، وكثيرون منهم صبية صغار بدهان أبيض، بينما هم يصرخون بصورة هستيرية.
في الغضون، كشفت مصادر غربية وجود علاقة بين الهجوم الكيماوي الذي استهدف أواخر الأسبوع الماضي منطقة الغوطة الشرقية وبين شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، الذي قالت إنه يلعب دوراً أكثر حسماً من شقيقه الأكبر بشار.
وأشارت المصادر إلى أن ماهر الذي يعرف بالقسوة وعدم الرحمة، يعتقد على نطاق واسع بأنه المسؤول عن الهجوم الكيماوي، مستدلة بأنه يقود فرقة عسكرية تعتبر الأكثر شراسة في الجيش وتتولى الدفاع عن العاصمة دمشق. كما يقود الحرس الجمهوري. وتقول المصادر إن شقيق الرئيس السوري الذي أصيب في الانفجار الذي هز قاعة اجتماعات وسط دمشق، الذي قتل فيه قائد الأمن وزوج شقيقة الأسد آصف شوكت، ووزير الدفاع، أصبح أكثر شراسة وحقداً بعد ذلك الهجوم الذي فقد فيه جزءاً من يده ورجله، وراجت شائعات في تلك الفترة عن وفاته.
وفي ذات السياق، قالت الاستخبارات الأميركية إنها تنصتت على مكالمة هاتفية لمسؤول في وزارة الدفاع السورية مع قائد وحدة السلاح الكيماوي بعد هجوم الأسبوع الماضي. وطلب منه تفسيرات حول الضربة بغاز الأعصاب التي أدت إلى قرابة 1400 شخص. وأضافت إن هذه المكالمة هي السبب الرئيسي الذي يجعل المسؤولين الأميركيين يؤكدون على أن هذه الهجمات يقف وراءها نظام الأسد. مشيرة إلى أنها ستعرض نص المكالمة خلال اجتماع دولي قريباً.