ما تزال محافظة شرورة تعيش لليوم الرابع على التوالي تراجيديا حادث حي صوعان "أقدم أحياء شرورة وأقلها تنظيما"، بعد أن قام أب في الـ 33 من عمره بقتل زوجته وأبنائه الأربعة بالسكين، الواحد تلو الآخر، ورغم نجاحه في ارتكاب جريمته في حق الأبرياء، فشل الأب أمس في وضع حد لحياته هو، بعد أن فشلت محاولة انتحار في السجن، إذ كشف مدير شرطة شرورة العقيد هادي بن علي آل دويس لـ"الوطن" أمس، أن قاتل عائلته حاول الانتحار عن طريق جزء من بلاطة كسرها، وجرح بها فخذه محاولا قطع شريانه، إلا أن حراس السجن انتبهوا له سريعا، وتم نقله إلى مستشفى شرورة العام لمعاينته وعلاجه فجاء تقرير المستشفى أن الجرح خفيف، وأعيد للسجن في حبس انفرادي.
من جهة أخرى، مثّل الجاني جريمته وتم توثيق التمثيل الذي قام به أمام محققي هيئة التحقيق، ووصف أحد الحضور تمثيل الأب لجريمته بأنه تم بكل برود أعصاب، وأنه ظهر كأنه ممثل محترف. وفي هذه الأثناء كشف مصدر مسؤول في هيئة التحقيق والادعاء العام لـ"الوطن" أمس، أنه اتضح لهم أثناء التحقيق مع المذكور عدم معاناته من أي اعتلالات نفسية، وأن ادعاءه بأن سبب ارتكابه للجريمة هو الفقر والحاجة، وعدم حصوله على تصريح تنقل أو الجنسية هي مبررات وشماعة يعلق عليها بشاعة الجريمة التي ارتكبها.
وقال المصدر: صحيح، إنه بمعاينتنا للمنزل لوحظت حالة فقر، ولكن هذا ليس مبررا للقتل، مؤكدا محاولة الجاني الانتحار في السجن وأن اعترافاته وتمثيله للجريمة، كشفا أنه بدأ بقتل فهد "5 سنوات" أولا، حيث ترقبه وهو خارج من الحمام فقام بكتم أنفاسه ثم ذبحه، ونقله لغرفة نوم الأولاد التي كان ينام فيها محمد، ففعل معه نفس الأمر وذبحه بالسكين بعد كتم أنفاسه، ثم ذهب للمجلس الذي كانت تنام فيه الزوجة وحمل البنت "نورة" وهي نائمة دون أن تستيقظ الأم، وذهب بها لغرفة الأولاد وألحقها بأخويها، وعاد للأم النائمة وخنقها بعلاّقة ملابس نحاسية وسط مقاومة منها قبل أن يعبر السكين في رقبتها ثم ينقلها للمطبخ.
وأضاف المصدر: خرج القاتل من البيت وراح لبيت زوجته الأولى لأخذ ابنه عبدالله "11عاما" إلا أن الابن رفض الذهاب معه، فعاد قبل المغرب وأقنعه بأنه يريد الذهاب به إلى المسجد، فأخذه وصلى معه المغرب، ثم ذهب به إلى البيت وبعد دخوله للمنزل كتم أنفاسه وسط مقاومة من الولد كشفها الطب الشرعي وقتله بنفس الطريقة، ونقله بالقرب من إخوانه ثم غادر المنزل، واصطحب ابن أخته قبل أن يسلم نفسه لشرطة شرورة.
من جهته، كشف "قحطان" أخو القاتل لـ"الوطن"، عن هول الحدث ووصفه بالفاجعة لهم؛ لأنه جاء عكس مجرى سلوك أخيه صالح مع أولاده خلال السنوات الماضية. وقال: صالح أكثرنا حبا لأولاده وتعلقا بهم وتدليلا لهم، وكانوا بالنسبة له "خطا أحمر" يعادي من يحاول المساس بهم فعلا أو لفظا حتى إنني استأجرت بيتا بعيدا عنه وعن بقية إخواني؛ حرصا على عدم حصول أي احتكاك بين أولادي وأولاده الذين لا يسمع فيهم أبدا.
وأضاف قبل أيام كان يصطحبهم معه في زواج، وكثيرا ما يأخذهم للحدائق ومعظم وقته يقضيه معهم ويصطحبهم دوما معه في سيارته، حتى إنه رفض العمل في البقالات وغيرها بحجة أنها تبعده عن أولاده لـ 8 ساعات. وعن دخله المادي قال: زوجته سعودية، وهي تتحصل على معونة من الخدمة الاجتماعية، لإعاقة خفيفة في يدها، كما أنه يحصل على مبلغ 900 ريال من الجمعية الخيرية كل 3 أشهر، إضافة إلى أن المواد التموينية والكهرباء والماء ندفعها نحن عنه، كوننا أنا وأخواه عارف وفهد، نسكن في بيت شعبي أشبه بالمجمع يسكنه 40 فردا بعداد كهرباء واحد وخزان مياه واحد، وتوجد عليه مطالبات بسيطة كديون لأصحاب البقالات سببها أنه ما كان يحب أن يحرم أولاده من شيء حتى إنه يصرف أحيانا كل المبلغ الذي يحصل عليه ولو كان ألف ريال في يومه تلبية لطلبات أولاده ورغباتهم.
وأكد أن أخاه عانى سابقا من مرض نفسي وراجع عيادة النفسية في مستشفى شرورة العام، وهام لوقت في الشوارع "يسير لمسافات طويلة"، وفي هذا التوقيت صعد على منبر جامع الإمام أحمد بن حنبل بحي العزيزية في أحد الجمع وسجن على إثرها شهرا كاملا، وتسبب وضعه في تطليق زوجته الأولى، وهجر زملائه له. ولما تحسنت حالته قمنا بتزويجه من زوجته الثانية وهي سعودية "بنت خالته" وأنجب منها أبناءه الثلاثة، وسارت حياته طبيعية، وكان فيها فترات التزام وهو من المحافظين على صلاته وصيامه، وكان آخرها صيامه للستة من شوال.
وأضاف: صالح معروف في ملاعب شرورة بأنه رياضي، يلعب كرة القدم بانتظام في مجمع الملاعب، وكانت آخر ممارسة له لكرة القدم قبل أسبوع.
وشدد على أنه كان يأمل في الحصول على الجنسية السعودية، والتي له معاملة مع والده بطلبها منذ عام 1410، وأن هذا كان أكثر ما يحمله من هم، خاصة وأنه لا يستطيع السفر بعد أن سحب منه "التصريح" بعد صعوده على المنبر ورفض الجهات المسؤولة إعادته له بسبب هذه السابقة. وكان محافظ شرورة إبراهيم بن عاطف الشهري، يرافقه مدير شرطة شرورة العقيد هادي علي آل دويس، ووكيل المحافظة المكلف عامر بن علي الصيعري، وعدد من ضباط الشرطة، قد نقلوا تعازي أمير منطقة نجران الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، لوالد القتيلة
وقال الشهري: أمير المنطقة آلمته الفاجعة، وآلمت أهالي المحافظة كافة والمجتمع عموما، وأوضح حرص أمير المنطقة على سرعة التحقيق ومعرفة ملابسات الحادث ا?ليمة، ودعا الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته ودعاهم إلى الصبر على هذه المصيبة.