من حسنات صالون (الاثنينية) الثقافي والاجتماعي؛ ومؤسسه سعادة الأستاذ عبدالمقصود خوجة، والقائمين عليه، الاحتفاء الأخير برئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ـ نزاهة ـ معالي الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف، والذي شدتني قدراته على الإجابات الواضحة عن الأسئلة المتوالية والصريحة، والتي سآتي ضمنيا عما شدني منها.. الشريف محمد بن عبدالله آل حسين؛ ابن قرية (المفيجر) التي تقع بالقرب من محافظة (الحريق)، على بعد 200 كلم إلى الجنوب من مدينة الرياض، والذي ينتهي نسبه إلى سيدنا الحسن بن علي ـ رضي الله تعالى عنهما ـ بين بجلاء كامل أهداف الهيئة واختصاصاتها، وتطرق إلى الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة، كذا مكافحة الفساد، وتنظيم الهيئة، وأنظمتها ولوائحها، والقواعد السلوكية لموظفيها وغير ذلك مما هو مبسوط ومتاح في الموقع الإلكتروني الهيئة ومطبوعاتها، التي أتمنى أن تصل إلى بيت كل مواطن ومقيم.

الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وخلال الفترة الماضية ـ ثلاثة أعوام ـ عملت بشكل إيجابي على توعية الناس بأن (الفاسد) و(المفسد) "له ـ كما يقول العوام ـ يوم"، مهما طال به الزمن أو قصر، وحركت المياه الراكدة؛ إلا أن المجتمع وبسبب بؤر الفساد المنتشرة هنا وهناك يشاركون الشريف الأماني في أن تتكون للهيئة محكمة خاصة، وأن تتمكن من التحقيق مع المفسدين، فلا يكفي أن تقف على الفساد، وتترك المتهمين به، دون أن تطمئن على نهاياتهم السعيدة بالتبرئة، أو التعيسة بالإدانة.. هيئة انطلقت من قول الحق ـ سبحانه وتعالى: {.. وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، ونص أمر إنشائها في 13/4/1432 على أن ترتبط مباشرة بولي الأمر ـ حفظه الله ورعاه ـ، وأن "تشمل مهامها كافة القطاعات الحكومية، ولا يستثنى من ذلك (كائن من كان)، وتسند إليها مهام متابعة تنفيذ الأوامر والتعليمات الخاصة بالشأن العام، ويدخل في اختصاصها متابعة أوجه الفساد الإداري والمالي"، وأن "على جميع الوزارات، والمؤسسات والمصالح الحكومية وغيرها الرفع للهيئة بكل المشاريع المعتمدة لديها، وعقودها، ومدة تنفيذها، وصيانتها وتشغيلها"؛ لا بد وأن تكون اليد الضاربة، ولا بد أن يتقوى حالها على من يحاول من الجهات الحكومية كتمان ما تسأله عنها، أو من يحاول من (أصحاب المعالي الوزراء) في التلكؤ عن الاستجابة لمطالبها بالتحقيق فيما ترصده على أجهزتهم.. لا أتصور أبداً ـ ونصوص الأمر الملكي الكريم واضحة ـ أن تحقق "الهيئة" كما ذكرت في تقريرها في 400 مشروع، ولا تحيل إلى الادعاء العام منها سوى 30 فقط، كما لا أتخيلها تستأذن الجهة التي تتبعها الجهة التي تشك في عملها.. "الهيئة" تحتاج إلى أن تنتزع صلاحياتها بنفسها، وتحتاج ـ فيما تحتاج ـ إلى كوادر إضافية ترفع من ترتيب بلادنا في سلم المقاييس العالمية للنزاهة والصلاح، وتزيل عن الناس في كافة مجالاتهم الدينية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والإدارية وغيرها التستر، والتواطؤ، والابتزاز، والاستغلال، والانحراف عن المسار، وتعثر المشاريع، وسوء التنفيذ، وضعف الإنتاجية، وهدر المال العام، والسلبية، وعدم الشعور بالمسؤولية، والإحباط، والاختلاس، والرشوة، والواسطة، وسوء استخدام السلطة وغير ذلك.. آخر ما أتمناه في هذا المقال هو ألا يطول بنا الزمن حتى نرى أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد انتصرت في حربها ضد المفسدين، وتحولت وصارت تسمى: "الهيئة الوطنية لتعزيز الصلاح".. {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيز}.