يقال إن الحكم القضائي للمطربة شمس دليل على عدالة القضاء السعودي.
آمل هذا، وإن كان كل ما يهمنا في الحكم القضائي هذا هو أن يتحسن وضع قضايا نسائنا بالدرجة الأولى، فليس أجمل من إنصاف مظلوم إنه أجدى من ألف مقال وبيان. الظلم ظلمات، والعدل نور، والنور يعني حياة آمنة، والأمن مطلبٌ ضروري للحياة البشرية. القوة الحقيقية تكمن في نصرة الضعيف على القوي، وهذا الأمر لا يتحقق إلا بالبيئة العادلة، والبيئة العادلة مطلبٌ ضروري للحياة. الحكم في قضية المغنية شمس مؤشر على أن تصحو النساء ويتعلمن المطالبة بحقوقهن في حال المساس بكرامتهن وإيذائهن من قبل آخرين. ما فعلته شمس حق لها. وما نريده لكل النساء ذوات القضايا المصيرية المعلقة بالمحاكم هو أيضا حق لنا وللإنسانية ولأجل العدل. إن تأذت "المغنية شمس" لأن أحدهم شتمها، فإن مئات النساء تأذين لأمور أعظم، فمنهن من سلبت منها حياتها، وأبناؤها، وحقها بالميراث، وحقها بالزواج، ولا مقارنة هنا بين الحقوق وبين سرعة البت في قضية شمس مقارنة بغيرها.
فماذا تفعل المرأة عندما تتعرض لمشكلة أو اضطهاد، ماذا تفعل؟ أين تذهب؟ لمن تشتكي؟ تساؤلات مشروعة تراود أي امرأة، في ظل محدودية الخيارات أمامها بشكل عام، وهيمنة العادات والتقاليد على شكل الحياة اليومية للمجتمع وتكريس ثقافة منافية لروح العدالة والمساواة.
السؤال: هل سيعاد النظر في قضايا آلاف النساء في المحاكم والتي مضى عليها سنوات طويلة وهي في دائرة التسويف والتأجيل مثل قضايا الحضانة والنفقة والطلاق والعضل والميراث؟ ألم يحن الوقت للحكم فيها دفعة واحدة إحقاقا لحق ودفعا للظلم ومساواة مع حكم رد الاعتبار كما في "قضية المغنية شمس"؟ متى ينظر لقضايا نسائنا المدرجة في قائمة الانتظار الطويل الأشبه بالموت تعذيبا؟
وهذه نماذج لا زالت قضاياها معلقة منذ سنوات، إذ تتصدر قضايا المرأة 60% من المحاكم؛ أم عبدالله: منذ 5 سنوات والقاضي يؤجل ويباعد بين الجلسات.
زوجة منذ 10 سنوات هجرها زوجها مع 3 أبناء ولم يصدر لها حكم؟
أم فهد: سُجن زوجها ومعاناة 8 سنوات ولم يُحكم لي بالطلاق والقاضي يؤجِّل.
نعم النزاهة ضرورية لتوفير محاكمة عادلة للجميع باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان. إن ضمير القاضي هو ما يؤمل عليه، لأن القضاء ليس وظيفة كباقي الوظائف، وإنما هو رسالة عظيمة عنوانها الحق والعدل بين الناس. إن للقضاء كسلطة حرمة، وحرمته من حرمة رجالاته. هو رسالة عظيمة تحتاج في أدائها توازنا نفسيا واستعدادا فكريا والتزاما بأعرافها وتقاليدها التي تجعل من القاضي نصير حق، من خلال ما يحمله من قيم العدل والحق. فيا قضايا النساء كوني كقضية "شمس"، كوني شمساً وعدلاً.