كل عام و"الوطن" وقراؤها وكتّابها بخير.. بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة، وبهذه المناسبة أود أن أعطي فكرة بسيطة عن تعريف السنة الميلادية؛ لأنه كالمعتاد فإن الأمور لدينا تأخذ مسارا غير مسارها الطبيعي.
يسمى هذا التقويم في أغلب الدول العربية بالتقويم الميلادي؛ لأن عدَّ السنين فيه يبدأ من سنة ميلاد المسيح عيسى عليه السلام كما كان يعتقد. وأقول هنا كما كان يعتقد؛ لأن كثيرا من المراجع الدينية والدراسات الأكاديمية اختلفت على موعد ميلاد النبي عيسى عليه السلام، فاتفق الكاثوليك والبروتستانت على ميلاده في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر، أما الأرثوذكس فيقولون إن مولده عليه السلام كان في السابع من يناير. لكن إنجيل لوقا تحدث عن يوم ميلاده عليه السلام "ومان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم" لوقا 2: 8.. فلوقا يشير هنا إلى ترقب الرعاة في الحقول قريبا من بيت لحم، فإن ميلاد المسيح لم يكن ليحدث في هذين الشهرين من شهور الشتاء، حينما تنخفض درجة الحرارة ليلا، وتغطي الثلوج تلال أرض فلسطين، فماذا كان يفعل الرعاة بغنمهم ليلا في هذا الجو مع وجود الثلوج؟ وفي طبعة دائرة المعارف البريطانية الخامسة عشرة من المجلد الخامس في الصفحات (642-643) ذكر: "لم يقتنع أحد مطلقا بتعيين يوم أو سنة لميلاد المسيح، ولكن حينما صمم آباء الكنيسة في عام 340م على تحديد تاريخ للاحتفال بالعيد اختاروا بحكمة يوم الانقلاب الشمسي في الشتاء الذي استقر في أذهان الناس، وكان أعظم أعيادهم أهمية، ونظرا إلى التغييرات التي حدثت في التقاويم تغير وقت الانقلاب الشمسي وتاريخ عيد الميلاد بأيام قليلة"..
ورد أيضـا في "قامـوس الكتاب المقـدس" دائرة معـارف شامبر الأسـكتلندية تحت كلمة (سنة): "إن البلح ينضج في الشهر أغسطس أو سبتمبر، وأن الناس كانوا في كثير من البلاد يعتبرون الانقلاب الشمسي في الشتاء يوم ميلاد الشمس".
وكما ورد في القرآن الكريم إرشاد مريم عليها السلام إلى نبع لتشرب منه دليل آخر على أن ميلاد عيسى عليه السلام قد حدث فعلا في شهر أغسطس أو سبتمبر وليس في ديسمبر، حيث يكون الجو باردا كالثلج في أرض فلسطين، وحيث لا رُطَب فوق النخيل، حتى تهز جذع النخلة فتتساقط عليها رطبا جنيَّا. هكذا يتبين لنا أن ميلاد عيسى عليه السلام لم يتم في أي من هذين الشهرين قطعا، فالسنة الميلادية سنة شمسية، بمعنى أنها تمثل دورة كاملة للشمس في منازلها، وهي مدة 365.2425 يوما، ولذلك فالسنة الميلادية 365 يوما في السنة البسيطة و366 في السنة الكبيسة، وهي تتألف من 12 شهرا.
بعد أن عرفتم الآن حقيقة السنة الميلادية، هل تعتقدون أن القرار الأخير بمنع بيع زينة وألعاب رأس السنة الميلادية، وكذلك أي مواد يمكن أن ترمز لهذا اليوم كان في محله! أم أننا ودعنا عاما واستقبلنا عاما جديدا بذات العنصرية؟!