استبق مختصون دوليون في شؤون الأسلحة الكيماوية نتائج التحقيق الأممي المنتظر في استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في ريف دمشق، وسجلوا بعض الملاحظات، التي تؤكد وقوع هجوم كيماوي بغاز السارين. وقال الرئيس السابق لمفتشي الأسلحة الكيماوية في العراق، الأميركي تشارلز دولفر، في ندوة عقدها معهد هدسون: "من الواضح أن ما جري في ريف في دمشق هو واقع مروع حدث بالفعل، واستخدام هذا السلاح بهذه الطريقة البشعة أمر ليس مستبعدا من نظام مثل نظام الرئيس الأسد الذي بدأ يفقد الكثير من أراضيه". وأضاف "إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا كيماوية تسبب كل أنواع الأذى على غرار ما رأيناه في مدينة حلبجة العراقية، كنا نظن أنه بات جزءا من الماضي، لكنه ليس كذلك على ما يبدو". وطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتدخل، ووضع حد لهذه "المجازر البشعة". من جانبه قال الخبير العسكري في الأسلحة البيولوجية هانز غوردن "المئات بل أكثر لقوا حتفهم في دمشق جراء الهجوم الكيماوي. ويبدو أن لا تفسير آخر لذلك". ولفت إلى وجود حاجة لأخذ عينات من الدم والتربة وإخضاعها لفحوصات بغية التأكد. واستند في هذا الرأي إلى أن الأطباء والممرضين المشرفين على الضحايا لم يصبهم أذى رغم قربهم من المصابين. مما يشير إلى أن المادة المستخدمة قد لا تكون غاز السارين القاتل، إنما قد يكون غازا أخف ضررا. وأضاف "في كل الحالات على المجتمع الدولي أن يقوم بواجبه دون إبطاء".

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد أكد أن الأسبوع القادم سيكون حاسما في تحديد موقف بلاده من الأزمة السورية بشكل واضح، وقال في تصريحات صحفية "الوقت يقترب لاتخاذ موقف نهائي بشأن فظائع يشتبه في كون الحكومة السورية قد ارتكبتها. والولايات المتحدة تبقى أمة لا غنى عنها بالنسبة إلى الشرق الأوسط وفي المناطق الأخرى". مشيرا إلى أن بلاده بصدد جمع معلومات عن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية بريف دمشق. وأنه أمر المخابرات الأميركية بجمع معلومات بطريقة علمية واحترافية في أسرع وقت ممكن عن تلك المجزرة. وأضاف: "لاحظنا مؤشرات على أن ما حدث هو بوضوح أمر عظيم ومثير جدا للقلق". وتابع أن إدارته تحث الحكومة السورية إلى السماح لفريق التفتيش الدولي بالتحقيق في الواقعة، غير أنه أوضح أنه لا يتوقع تعاونا منها، نظرا لتاريخها السابق.

كما صعَّدت الأمم المتحدة من لهجتها تجاه النظام السوري، متوعدة بموقف حازم إذا ثبت استخدامه للسلاح الكيماوي في حربه ضد المعارضة. وقال أمين عام المنظمة الدولية بان كي مون، إنه إذا قرر الفريق الدولي الذي يقوم بعمليات البحث والتقصي أن الجيش الحكومي استخدم هذا السلاح "فإن ذلك سوف يكون تطورا خطيرا يستوجب موقفا دوليا حازما. وأضاف مون خلال زيارة إلى سول "أي استخدام للأسلحة الكيماوية في أي مكان، ومن جانب أي طرف، وأيا كانت الظروف، سيعد انتهاكا للقانون الدولي. وجريمة بحق الإنسانية تترتب عنها عواقب خطيرة بالنسبة لمن يرتكبها". ووصف اتهامات المعارضة للنظام باستخدام غاز السارين في ريف دمشق بأنه "تحد خطير للأسرة الدولية بمجملها وللإنسانية التي تجمعنا، خاصة وأن ذلك حصل في وقت كانت بعثة خبراء الأمم المتحدة في البلاد". وطالب بتمكين فريق المفتشين الدوليين من التوجه إلى المناطق التي قيل إنها تعرضت لهجوم كيماوي للقيام بعملها.

وفي ذات السياق، اتهم وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، صراحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالمسؤولية عن الهجوم الكيماوي الذي وقع صباح الأربعاء الماضي بالقرب من دمشق. وقال في لقاء مع الصحفيين: "ليس لدينا شك في قيام الجيش السوري بذلك الهجوم، لكنا نود أن تتمكن الأمم المتحدة من التحقق من ذلك. وإن كنا على يقين أن التفسير الوحيد الممكن لما شاهدناه هو أنه هجوم كيماوي؛ لأنه لا يوجد تفسير معقول آخر من جراء هذا العدد الكبير من الضحايا في منطقة صغيرة".

أما فرنسا فقد كان موقف وزير خارجيتها لوران فابيوس متسقا مع نظيره البريطاني، إذ هدد باتخاذ قرارات ضد النظام السوري في حال عجز مجلس الأمن الدولي على فعل ذلك. وقال في تصريحات: "إذا عجز مجلس الأمن عن التعامل مع النظام السوري، سنتخذ قرارات بطرق أخرى؛ لأنه لن يكون هناك بد من الرد بقوة".