استفاقت عاصمة الشمال اللبناني طرابلس أمس على هول المجزرة التي ألمت بها، وبدأت تلملم جراحها وتزيل آثار التفجيرين اللذين وقعا في مسجدي التقوى والسلام، وشهدت المدينة حركة سير خفيفة جدا، في ظل يوم حداد وطني شيع فيه اللبنانيون ضحايا التفجيرين.

في غضون ذلك، ألقى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي باللوم على "حزب الله" في التفجيرين اللذين وقعا في طرابلس أول من أمس وهدد بالرد.

ونقلت خدمة "سايت" لمراقبة المواقع على الإنترنت ومقرها الولايات المتحدة عن بيان للتنظيم قوله إن على "حزب الله" أن يعلم أن العقاب سينزل به قريبا.

وجاء في البيان أن "القاعدة" تعلم أن من يقف وراء هذه الجريمة البائسة هو حزب الله الذي يقف جنبا إلى جنب مع الرئيس السوري بشار الأسد.

ووصلت حصيلة التفجيرين إلى 45 قتيلا ونحو 280 جريحا لا يزالون في المستشفيات بحسب آخر حصيلة لأجهزة الأمن، فيما جرى الحديث عن عدم معرفة مصير 27 طفلا جار البحث عنهم.

وأصدر رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي مذكرة إدارية "قضت بإعلان الحداد العام طوال يوم أمس على أرواح الشهداء".

وعمدت عائلات عدة إلى تشييع ضحاياها ليل أول من أمس بسبب تشوه الجثث التي كان بعضها محترقا. وتم تشييع ضحايا آخرين أمس بعد صلاة الظهر في طرابلس.

وأغلق الجيش موقعي الانفجارين وواصل رفع الأنقاض وسحب هياكل السيارات المحترقة.

وقالت أجهزة الأمن إن الكثير من الجثث المتفحمة لم يتم التعرف على هوياتها بعد.

وترددت أنباء عن أن شعبة المعلومات بوزارة الداخلية أوقفت الشيخ أحمد الغريب المنتمي لحركة "التوحيد الإسلامي" العاملة تحت إمرة المخابرات السورية وبالتنسيق مع حزب الله، لظهوره في إحدى كاميرات المراقبة بمكان الانفجار الذي وقع أمام مسجد السلام، وداهمت قوة منزله بمنطقة المنية وصادرت بعض البنادق الحربية الرشاشة وبعض القنابل اليدوية.

إلا أن الحركة نفت توقيف أي من عناصرها أو مشايخها. وأشارت إلى أن "الغريب مكلف من قبل رئيس مجلس قيادة الحركة، الشيخ هاشم منقارة، بمتابعة أحد الملفات العالقة مع النظام السوري".

وعلق الشيخ سالم الرافعي الذي أصيب في الانفجار: إما أن تكون الدولة قادرة على تأمين كل الناس أو تبين عجزها وتسمح للناس بحماية أنفسهم، وذلك ردا على انتشار مسلحين في طرابلس دققوا في هويات المارة وأقاموا حواجز.

وفي ردود الفعل المتواصلة، اتهمت المعارضة السورية نظام الرئيس بشار الأسد بالوقوف وراء التفجيرين.

وأعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان نشر في وقت متاخر الجمعة "لقد رسم تفجيرا طرابلس وتفجير الضاحية الجنوبية قبل أيام، ملامح مشروع فتنة يسعى نظام بائد مجرم إلى إيقادها، في محاولة لتوريط من لا ذنب لهم في صراع محموم، لا طائل منه سوى الاقتتال، سيجر المنطقة إلى حالة من الفوضى والدمار".

ودان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، الهجوم المزدوج "الإرهابي" الذي استهدف طرابلس"، معتبرا أن هدف هذا الهجوم هو جر لبنان إلى "فتنة طائفية". وجدد الزياني "موقف المجلس ومطلبه الثابت بالنأي بلبنان وتحييده بشكل كامل عن الأزمة السورية للحفاظ على أمنه واستقراره".