افترقنا قبل خمس سنوات، في الأسبوع الماضي قضيت يوما واحدا في الرياض وزرت زميلي في مكتبه، قال لي إنه أكمل بناء بيته في عسير وسيعود إلى هناك لكنه لن يعود قبل أن يبيع بيته الذي يملكه في الرياض، ليشتري بثمنه قطعة أرض في جيزان ويضيفها إلى قطعة أخرى يملكها والده، وسألني عن أسعار الأراضي، فأخبرته أن الأسعار ترتفع، وشجعته أن يبادر قبل أن ترتفع أكثر فجيزان اليوم مهوى أفئدة عشاق العقار.

في البنك وفي انتظار دوري في الخدمة كان بجانبي أحد مواطني المنطقة الوسطى، بادر بسؤالي عن جيزان وأسعار الأراضي، خصوصا الواقعة في محيط الجامعة شمال جيزان، وقال إن صديقه حصل على منحة أرض في الرياض إلا أنه، بناء على النصائح، قرر طلب نقل المنحة إلى جيزان، فهل نقلها أفضل؟ قلت له ربما؛ لكن أعتقد أن نقلها لجيزان ليس سهلاً كما تتصور، فالجهات المسؤولة في المنطقة صارت تعطي الأولوية لمواطني جيزان، قال مندهشا: معقول؟!! ليش؟ قلت: نعم، والسبب واضح ومنطقي، فجيزان من أصغر مناطق المملكة وأكثرها ازدحاما بالسكان، وقد تأخر حظها في التنمية كما يعرف الجميع، ومنذ عشر سنوات أقبلت جيزان على تنمية شاملة على كل الأصعدة، وقد قررت الإدارات المعنية أن تنمية المنطقة تعني أيضا تنمية المواطن وفتح الفرص أمامه أكثر للاستفادة من أرضه، فهي من ذلك الوقت تعطي أولوية المنح للمواطنين في جيزان، صحيح قد يحصل مواطنون من خارجها على منح فيها، لكنه نادر جدا!

قال: لكني أعرف كثيرين يحصلون على منح هناك حتى اليوم. قلت: لا تصدق؛ فمنذ عشر سنوات تغيّرت الأمور، فالجهات ذات الصلة في جيزان أدركت تماماً أن التنمية ليست فقط خدمات ومشاريع على الأرض، وإنما أيضا، وهو الأهم، استفادة الجيزاني من نهر التنمية الذي يمخر وسيمخر تراب منطقته، وصدقني لو لم تتشدد تلك الجهات في حماية حظ الجيزانيين في التنمية فإن جيزان ستنمو وتستفيد، نعم، لكن الجيزاني لن ينمو ولن يستفيد!

قال: يا أخي، هل أنت متأكد؟

ـ هاه؟!

ـ أقول أنت متأكد؟

ـ هاه؟!!