بعد كتابتي لمقالي السابق عن التجمد الوظيفي في القطاع الحكومي.. تواصل معي الأستاذ هشام الثنيان مدير إدارة الإعلام والنشر في وزارة الخدمة المدنية يخبرني عن رغبة وزير الخدمة المدنية في التحدث معي من أجل سماع مرئياتي وملاحظاتي عن الموضوع وتوضيح بعض النقاط الشائكة عن موضوع التجمد الوظيفي في القطاع الحكومي، وقد أكبرت هذا الفعل من وزير الخدمة المدنية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله البراك، وهو الوزير الذي عين منذ فترة قريبة جداً حيث تولى منصبه الحالي في عام 1433، وهذا ما يخلق أملا لا يحد في حل القضايا المتعلقة، التى أكل الدهر وشرب عليها، ولعله يحرك المياه الراكدة عن تلك القضايا، بل قد نرى منه ما نأمل في تعديل نظام الخدمة المدنية، هذا النظام الذي وضع قبل ما يزيد على أربعين عاماً حدث خلالها الكثير.. بل الكثير من التغيرات التي يجب أن يراعيها هذا النظام، سواء أكانت الوظائف أم مسمياتها.. أم مهامها.. أم آليات الترقيات.. أم نظام المنشآت في إدارة كل ما سبق، فيكتب النظام من جديد ويعدل وينظم بطريقة تفيد وتخدم الصالح العام..
وما جعلني أشعر بالغبطة هو ليس أن رجلاً بمكانة الوزير تواصل مع كاتبة، ولكن الشاهد من الاتصال وذكره هنا ليس لفرد العضلات أو للاستعراض، ولكن هو ما حمله فكر هذا الرجل الواعي في أهمية الاستماع إلى الأصوات المختلفة ومحاولة شرحها وتوضيحها، وإن كان قد طلب مني عدم نشر محتوى المكالمة، فهو يتواصل لتقريب وجهات النظر وليس للبهرجة الإعلامية.. إلا أن طلبه قوبل مني بالرفض، فلعل ذكر ما حدث يعلم أولئك المسؤولين المتغطرسين دروساً في التواضع، وأن الزمن قد تغير، وأن صاحب الحق سيبحث عن حقه مهما طال الزمن..
إن موجة التغيير للأفضل قادمة لا محالة، وستلحق أداء كثير من المؤسسات والجهات والمنشآت، أما ما يحدث لكثيرين من أصحاب الحقوق الضائعة ممن يحاولون التواصل مع رؤسائهم الذين لا يجدون منهم إلا التهرب من الرد على تساؤلاتهم وعدم إيجاد الحلول لمشاكلهم، فنقول لهم: إن الأيام لن تطول على المقصرين والمتغطرسين الذين يعتقدون أن تلك الكراسي التي يجلسون عليها ستدفن معهم، فربما لم تمر عليهم المقولة المعروفة: (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك)، فمن الأولى بهم ترك ذكرى عطرة عن فتراتهم التي قضوها في إداراتهم.. ولو اتقوا الله وخافوه في السر والعلانية، وأدى كل الأمانة التي وضعت بين يديه لحلت 90% من مشاكلنا.
عنوان مقالي هذا اليوم لتقديم الشكر والعرفان للوزير.. على الشرح والتوضيح لكثير من النقاط التى قد تكون محل خلاف أو عدم استيعاب أو فهم في هذا النظام.. لكن لا يعني ذلك أن ننسى أن التجمد الوظيفي واقع مؤلم ويجب أن يحل ويعالج، ويجب على وزارة الخدمة المدنية أن تعين مراقبين إداريين من قبلها يتركز عملهم على متابعة عمل إدارات شؤون الموظفين في القطاعات المختلفة وكيفية إدارتهم لنظام الترقيات والمسابقات الإدارية.. ومحاولة معرفتهم لماذا يتجمد ويتوقف وضع موظفين في قطاعات معينة؟ فكما لا يخفى علينا أن بعض هذه الإدارات تدار من قبل العقول المتحجرة والعقليات الروتينية التي لا تتعامل مع النظام بطريقة تفيد بها الموظف والوظيفة وبما يخدم العمل.. فتتراكم المشاكل بسبب هذه الإدارات غير المرنة.
وإن كنت يجب أن أشير إلى أن كثيراً من إدارات شؤون الموظفين حرصت في عدد من القطاعات الحكومية على إيجاد حلول لموظفيها، وأنهت هذه المشكلة المتعسرة فتعافت وعافت، وأقرب مثال على ذلك هو ما حدث في جامعتي الملك سعود والملك فيصل.. وكلنا أمل في أن تنتقل هذه العدوى الحميدة إلى كل المؤسسات في بلادي.
وما يحضرني الآن هو توجيهات الملك عبدالله -حفظه الله وأبقاه- والتي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في حرص منه على مصلحة المواطنين، حين طلب من الوزراء أن يؤدوا واجبهم بإخلاص وأمانة، وأن يضعوا الله عز وجل نصب أعينهم، حيث قال: "أرجوكم قابلوا شعبكم كبيرهم وصغيرهم كأنهم أنا".
في الختام: شمس التغيير تشرق.. والقادم أجمل.. في ظل التعاون والعمل لصالح الوطن..
.. شكراً وزير الخدمة المدنية.