لا أعرف كيف تذكرتُ بالأمس خلو مصعد من رقم الطابق 13 بأحد فنادق نيويورك يزيد عمره عن 100 عام تقريبا، وكنت اتخذتُ فيه مسكنا خلال فترة إقامتي القصيرة هناك، ورأيتُ تسلسل أرقام الطوابق (11،12،14.. إلخ) دون وجود أي أثر لـ13!! وحين سألت عرفتُ أن الغرب وفق بعض المرويات الدينية القديمة يتشاءمون من هذا الرقم ويعتبرونه "نحسا" فأسقطوه من حساباتهم، ومن ذلك المصعد وغيره تماشيا مع الخرافة! تذكرت ذلك بالأمس ونحن نودع عام 2013 وتمنيت لو أنه سقط من الزمن سهوا أو عمدا فلا فرق، كما سقط من ذلك المصعد، إذ يبدو أنه شؤم ليس على الغرب كما يعتقدون، بل العرب هذه المرة، وإن كنت لا أؤمن مطلقا بالخرافات! إلا أن من يتأمل جيدا الأحداث في الجغرافيا العربية خلال هذا العام يُدرك أنها مضت وتركت جروحا غائرة في الذاكرة الإنسانية، وما يزال أكثرها مفتوحا ينزف دما للأبرياء هنا وهناك دون توقف في هذا الشرق الأوسط الملتهب سياسيا وطائفيا، في فلسطين.. سورية.. مصر.. لبنان.. العراق.. اليمن.. السودان.. تونس.. ليبيا.. وباكستان.. الصومال.. وأفغانستان!! هل بقي بلد لم أذكره؟ والمؤلم والمفزع أن تلك الأحداث الملوثة بالسياسة هي غدا أرض خصبة لأخرى سنعيشها ونحن على بعد ساعات قليلة من 2014.

"الجميع يُفكر في تغيير العالم لكن لا أحد يُفكر في تغيير نفسه"، ما قاله الروائي الروسي ليوتولستوي صحيح 100%، وهي أزمة الإنسان العربي الذي يجنح باتجاه التغيير لكنه لا يبدأ بنفسه، فلم يفشل العرب في ما أسميه دائما "الخديج العربي" الذي بات التهابا مزمنا في حياة الشعوب العربية إلا لأنهم ينتظرون التغيير يهطل عليهم من السماء كما المطر فتنبت لهم الأرض تغييرا!! هُم يحلمون بالتغيير وهم نائمون!! ويتناسون أن سرّ التغيير يبدأ من الفرد، الذي هو اللبنة الأولى لبناء الأسرة ثم المجتمع، فالمعلم الفاسد الذي يميز بين تلاميذه لقربى أو مودة دون الآخرين تجده يطالب مديره بأن لا يميز بينه وبين آخرين مقربين منه! فكيف تُطالب بما لا تمارسه! وباختصار "عليك أن تكون أنت التغيير الذي تريده للعالم"، كما قال المهاتاما غاندي؛ القائد السياسي الهندي الذي غير وجه الهند ونقلها من الاستعباد إلى التحرير، دون أن يحمل سلاحا أو حجرا واحدا أو يفجر قنبلة في وجه أعدائه.

بصدق، ولكوني مؤمنة بالتغيير وبأنه سنة الله تعالى الثابتة في خلقه، أرغب فعلا اليوم بتصفية حساباتي الزمنية العملية والعامة مع 2013، وكثيرة هي الأشياء التي قررتُ تغييرها في حياتي وأنا على عتبات العام الجديد، ليست الأشياء وحدها بل هناك أشخاص أيضا لا بد من إعادة "غربلة" تقديمهم وتأخيرهم ضمن اهتماماتي، مثل ذلك نحتاجه كثيرا، أن نُقيم ما حولنا لنتدارك أخطاءنا وخطواتنا، وقبل كل شيء لا ننسى أنفسنا.

أخيرا، أتمنى لكم عاما جديدا متجددا تحققون فيه طموحاتكم وآمالكم، وتذكروا أن تتغيروا للأفضل كي تُغيروا الواقع للأفضل.. وعامكم أنتم.