يتكئ على أريكته في منزله، ثم يرسل مطولاته إلى كل مشتركي الـ"واتس أب"، لتتناقل الركبان رسائله المليئة بالنصوص والفتاوى التي تدعو إلى الجهاد! يسقط تلك النصوص، وتلك الفتاوى، على الأوضاع الحالية في المشهد السوري، وكأن صاحبنا يريد منا أن نذهب إلى ريف دمشق، وحلب، ودير الزور، لنقاتل ونستشهد، بينما يكتفي هو ـ كمشايخه ـ بالدعم اللوجستي من صالون منزله الوثير.. ومن هاتفه الذكي!.
تبقى وسائل التواصل هذه ـ يوتيوب، واتس أب، تويتر، فيسبوك ـ رهينة ثقافة المجتمع، ولهذا نشاهد على الدوام، رسائل التحريض على العنف، والطائفية، في معظم هذه الوسائط، لكن يبقى "الواتس أب" أكثرها تأثيرا، لسهولة استخدامه طوال الوقت، وسرعة انتشاره إذا ما قورن بوسائل التواصل الأخرى.
في "الواتس أب" تحديدا، يتم استغلال الوضع الإنساني المتردي لللاجئين السوريين، من أجل نشر أفكار طائفية، لها أبعادها السياسية، والضحية بالطبع هم شبابنا الأبرياء: يتم استغلال عاطفتهم الدينية عبر رؤية إخواننا في سورية وهم يعانون الجوع والبرد والتشرد، وتفشي الأوبئة والأمراض بين أطفالهم وشيوخهم في مخيمات الأردن وتركيا.
بعد ذلك، يتم إرسال صور وتقارير عن بعض الشباب الذين قضوا نحبهم في هذه الحرب الطاحنة، بعضهم انضم إلى الجماعات التكفيرية كـ"داعش" و"النصرة" وغيرها، ويتم ترميز هؤلاء الشباب الصغار على أنهم شهداء الحق، في محاولات رخيصة لحث أقرانهم من أجل اللحاق بهم إلى ساحة القتال.
لا بد أن يعي شبابنا؛ أن سورية أضحت ساحة لمعارك دولية بالوكالة، وأن مسؤولية إنهاء الحرب هناك تقع على عاتق المجتمع الدولي، وإن كان نظام بشار هو السبب الرئيس في هذا الدمار والتشريد وسفك الدماء؛ إلا أن الحق قد اختلط مع الباطل، في مشهد سريالي مؤلم، تتنازعه الطائفية، والمصالح السياسية لكل حزب ودولة دخلا على الخط في هذه الأزمة الدامية. فلا تكونوا حطبا لهذه الحرب، واعتبروا يا أولي الألباب مما حدث في أفغانستان والعراق، ولا تلدغوا للمرة الثالثة، من ذات الجحر.