في مثل هذا الوقت من كل عام تصدر مؤشرات وإحصائيات المنظمات الدولية عن نتائج العام السابق. في هذا العام أشارت الإحصائيات إلى أن إسرائيل تصدرت دول العالم بعدد البحوث العلمية المنشورة مقارنة بعدد السكان، لتحتل المركز الأول بنسبة 12 بحثاً لكل عشرة آلاف نسمة، بينما جاءت أمريكا في المرتبة الثانية بنسبة 10 بحوث، ثم بريطانيا بنسبة 9 أبحاث.

للوصول إلى هذه المراكز المتقدمة، قامت إسرائيل منذ سنوات بتكوين علاقات بحثية مع الدول المتقدمة علمياً بهدف الاندماج مع مراكز أبحاثها لتنشيط علمائها وحثهم على المشاركة في برامج التطوير الأمريكية، والألمانية، والبريطانية، والفرنسية، والروسية، واليابانية، والصينية، والكورية الجنوبية، والتركية. أصبح لدى إسرائيل اليوم 21 شراكة علمية دولية، تتعاون معها من خلال علمائها في كافة مجالاتها، وتشارك في الاطلاع على نتائج أبحاثها قبل الغير لتقطف ثمارها التقنية، وتبادر إلى نقل تجاربها العلمية لدفع وتيرة الابتكار والإبداع داخل إسرائيل.

حددت هذه التقارير المقومات التي استندت عليها مؤشرات التفوق العلمي بين الدول، أهمها: متوسط الإنفاق على البحث العلمي والكتب والمجلات العلمية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وعدد العلماء والباحثين وأجهزة الكومبيوتر وبراءات الاختراعات المسجلة سنوياً لكل ألف من السكان، وعدد مراكز البحث العلمي في كل دولة والأبحاث العلمية السنوية المنشورة في المجلات العلمية، ونسبة مساهمة مدخلات العلوم والتقنية في الناتج المحلي الإجمالي.

منظمة العمل العربية أصدرت أيضاً تقريرها السنوي بعنوان "البحث العلمي بين العرب وإسرائيل وهجرة الكفاءات العربية"، كشفت فيه عن حقائق الفجوة العلمية والتقنية بين العرب وإسرائيل، حيث أوضح التقرير أن نصيب المواطن العربي من الإنفاق على التعليم لا يتجاوز 340 دولاراً سنوياً، بينما يصل في إسرائيل إلى 2500 دولار.

وأشار التقرير إلى أن الـدول المجاورة لإسرائيل هي من أكثر الدول العربية تراجعاً في مؤشرات التنمية البشرية التي تحدد مستويات الدخل والتعليم والصحة. ففي الوقت الذي تأتي إسرائيل في المركز 23 على مسـتوى العالم، تحتل مصر المرتبة 199، وسوريا المرتبة 111 والأردن المرتبة 92 ولبنان المرتبة 82. وفي حين يوجد في إسرائيل 217 جهاز كمبيوتر لكل ألف شخص، لا يوجـد في مصر سـوى 9 أجهزة فقط، وفي الأردن 52 جهازاً، وفي لبنان 39 جهازاً.

أما بالنسبة لعدد الباحثين العلماء في كل مليون نسمة، فإن إسرائيل تتفوق بعدد 1395 باحثا مقابل 136 باحثا لكل مليون مواطن في العالم العربي، وتصل هذه النسبة إلى 300 عالم أبحاث في تركيا، و192 في جنوب إفريقيا، و217 في المكسيك، و315 في البرازيل، وترتفع إلى 5000 في اليابان، و3415 في روسيا، و2439 في أوروبا، و4374 عالم أبحاث في أمريكا لكل مليون مواطن.

أما إحصائيات منظمة اليونسكو، فلقد أشارت إلى أن معدل الإنفاق العربي على البحث العلمي لا يزيد عن 0.2% (اثنين في الألف) من الناتج العربي الإجمالي سنوياً، في حين بلغ هذا المعدل في إسرائيل 4.7%، لتقفز بـذلك إلى المركز الأول متخطية أمريكا التي لا يزيد معدل إنفاقها على البحث العلمي 2.7%، وفنلندا 3.6%، والسويد 4.2%، ودول جنوب شرق آسيا 2.8%، واليابان 3%.

جميع هذه التقارير أجمعت على أن معوقات البحث العلمي في العالم العربي تنحصر في عدم وجود السياسات الوطنية والاستراتيجيات الحكومية اللازمة لمواجهة ضعف المخصصات والميزانيات المرصودة للبحث العلمي في معظم الدول العربية، وأن هجرة العنصر البشري من بعض الدول العربية واعتمادها على العناصر غير المدربة أدى أيضاً إلى ضعف قاعدة مراكز الأبحاث وتراجع كوادر المختبرات والمؤسسات الإنتاجية.

بقي علينا أن نستذكر اليوم حضارتنا الإسلامية التي كانت أول من مزج العلوم الطبيعية بالفكر والمعرفة لينتج عنها ما يطلق عليه اليوم بالعلوم المعرفية. من خلالها اعتمدت التربية على التكامل بين العقل والقلب لتصبح الأخلاق جزءاً من الفطرة النقية، واعتمد التعليم على التفاضل بين الفكـر والمعرفـة ليصبح العلم مقروناً بالبحوث التطبيقية.

من سرق حضارتنا الإسلامية....؟!!!