يشهد العالم في الوقت الراهن تطورا تقنيا هائلا فاق كل التوقعات، وأصبحت الحياة من حولنا تعج بمختلف مصادر ووسائط التقنية الحديثة والمتطورة، التي نستخدمها في معظم متطلبات حياتنا اليومية، بل أصبحت التقنية في المجالات التعليمية والصحية والثقافية والاجتماعية والترفيه والرياضة وغيرها كافة، وبات تطور وتقدم الشعوب يقاس بمدى تطورها التقني.
فالمملكة، تعد من أكبر دول منطقة الشرق الأوسط في مجال استخدام التقنية، وتحتل المرتبة الأولى عالميا، من ناحية عدد مستخدمي الجوال، والأولى في امتلاك عدد الهواتف الذكية على مستوى دول المنطقة، وسجلت المملكة تزايدا كبيرا في عدد مستخدمي الإنترنت، الذين وصل عددهم إلى أكثر من 13 مليون مستخدم، فضلا عن أنها الأولى في مجال حجم التجارة الإلكترونية على مستوى المنطقة بأكثر من 33 مليار دولار، وكذلك تقود المملكة العالم العربي في مجال الإنفاق على تقنية المعلومات بنحو 7 مليارات دولار.
كل هذه الأرقام والحقائق، تدعونا إلى ضرورة معرفة "أين نحن من التطور التقني؟"، وإلى متى سنظل مستخدمين فقط لهذه التقنية؟، وما جهود الدولة في تحفيز الشباب السعودي على اقتحام المجال التقني والاستثمار في التقنية؟. هذه الأسئلة وغيرها الكثير، تدعونا إلى ضرورة إطلاق الكثير من المبادرات الهادفة والبناءة للاستفادة من التطور التقني العالمي واستثماره بالطريقة المثلى، التي تعود علينا بالمنفعة والفائدة، وتسهم في تنمية اقتصادنا الوطني.
ولذلك يجب أن تبادر الدولة ممثلة في الوزارات المختلفة والجامعات والهيئات الحكومية المتخصصة، والجهات المهتمة بالتقنية كافة، في القطاعين العام والخاص، بإطلاق المبادرات التي ترعى وتدعم التطور التقني في المملكة، وأن تحذو في هذا الشأن حذو مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مبادرتها بتأسيس برنامج "بادر" لحاضنات التقنية، الذي يهتم بدعم ورعاية الشباب السعودي في المجال التقني، ومساعدتهم في تطوير أفكارهم التقنية؛ حتى يتمكنوا من تحويلها إلى مشاريع تقنية ناجحة.
ولقد نجح برنامج "بادر" في فترة وجيزة من دعم ورعاية الكثير من المشاريع التقنية بالمملكة من خلال تطبيقه لتجربة "الاحتضان"، وهي تجربة عالمية متميزة، تقوم على دعم الأفكار والمشاريع التقنية في مراحلها الأولى، بتقديم خدمات الدعم الفني والاستشارات الإدارية والتجارية والمالية، وتطوير خطط الإنتاج والتسويق، إلى جانب توفير مقر دائم للمشاريع حتى تصبح ناجحة ومنتجة في السوق.
ختاما، أتمنى أن تولي الدولة وشركات القطاع الخاص هذا الجانب أولوية قصوى، وأن تعمل على تحفيز الشباب السعودي على الاهتمام بالتطوير التقني، وتشجيعهم على الاستثمار في المجال التقني، حتى نتمكن من مواكبة الدول المتقدمة في هذا المجال، ونتحول من مستخدمين للتقنية، إلى منتجين لها، ونحقق لوطننا الغالي المزيد من التقدم والرقي والازدهار في ظل قيادتنا الرشيدة "يحفظها الله".