بإسناد حقيبة وزارة التربية والتعليم إلى سمو الأمير خالد الفيصل، ساد ارتياح اجتماعي ونخبوي في أوساط المهتمين بالارتقاء ببيئة وواقع التعليم لدينا، والمتطلعين لإحداث نقلة نوعية فيه، بما يجعلها واعدة بأن تكون مدرسة من مدارس التحديث في منطقتنا المنكوبة بالحروب والتراجع على جميع المستويات. ريادة سمو الأمير خالد الفيصل واهتمامه بالتنمية المعرفية من خلال مؤسسة الفكر العربي، والباع الطويل له في هذا المجال، وما تقاطع معه من مجالات لا تقل حيوية وأهمية وخطورة عن المرتقب معالجته في الوزارة.. يجعلنا متفائلين بالمقبل من تغيير.

الوزارة نظرا لضخامتها أشبه بدولة تحتاج اليوم نهضة تنموية غير مسبوقة.. و"دولة وزارة التربية والتعليم" تترقب اعتلاءه سدة إمارتها، من أبرز وأهم المشروعات الإصلاحية التي ركز عليها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، منطلقا من ترقية التعليم العالي، وشهدنا النقلة التي نتمنى أن تكلل بمزيد من الجامعات مع ردم الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، ولن يكون ذلك بدون تأسيس طالب التعليم العام تأسيساً لائقاً للتعليم الذي قد تشكل بعض عناصره، دولة داخل الدولة، يجند فيها ضعاف النفوس، العقول الغضة، لقيادة حربه ضد الوطن فيتلف الأفكار، وينشر الخراب الفكري..

ومن التوجه المتطرف المتكسب على حساب الوطن إلى ما هو أسوأ منه، المعلم المقاوم للتحديث ومواكبة العصر وتطوراته، وغير ذلك من التحديات التي تناولتها الصحافة منذ صدور القرار. اعتلاء فارس الكلمة والقصيدة والتنمية والفكر، كرسي إدارة هذه الدولة بمواطنيها المقدرين بأكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة فضلاً عن كل من اقترب من البيئة التعليمية، يعني أننا أمام تحدي حرق المراحل، والتجربة واعدة بأن تكون إبداعية غير مسبوقة على مستوى منطقتنا.

رضا الناس عن هذه الخطوة ومباركتها لا يكفيان، يجب أن نكون جزءاً من تجربة الإصلاح. أبناؤنا في منازلنا مسؤولية تربوية ووطنية وعلينا استشعار كوننا قدوة بين الأمم، ومن قاد تنمية أطهر بقعة على وجه الأرض وأبهرنا بالإنجازات، اليوم نقف جميعاً خلفه من أجل أبنائنا؛ نفطنا الدائم وثروتنا التي لا تنضب، بالدعاء الصادق وإصلاح ذواتنا والعمل على تنمية هذا الوطن. الوزراء وحيدين تقع عليهم مسؤولية تحقيق الإنجاز بدون اعتراف بأهمية مساندة المواطن. وأن ينتقل أحد أهم بناة الدولة الحديثة من إمارة منطقة بحجم مكة المكرمة إلى وزارة التربية والتعليم، فذلك يعني أننا أمام تحدٍ، جميعنا مسؤولون عن إنجاحه وجعله نموذجياً.