لا أحد منا يستطيع أن يعرف متى سوف "ينوّر" الإنترنت بطلّته البهيّة، وبأي فضيحة!

لم يعد لإنسان خصوصية، ولا لاجتماع حرمة، ولا لمجلس أمان، كاميرا الجوال وضعتنا أمام خيارين، إما أن نفتش زوارنا قبل أن يدخلوا بيوتنا ومكاتبنا من خلال رجال أمن "سكيوريتي" مدرّبين! أو أن نقبل بإدارة أعمالنا ومفاوضاتنا على ناصية الشارع وقارعة الطريق، على طريقة الفيديو الذي "سرقوه" من الاجتماع الخاص بين: النجم سعود كريري، ومدير أعماله من جهة، وبين رئيس الاتحاد عادل جمجوم من جهة أخرى، وكان من المفترض أن يكون اجتماعا مغلقا، ليس لأحد خارج قاعة الاجتماع الحق في التنصّت عليه، ولكن لا حيلة في هذه التقنيات فقد جعلت حياتنا "مشاعا"، وصار علينا أن نتحفظ في كل كلمة نقولها مهما اعتقدنا أن لقاءنا حميمي وأخوي وخاص.

نتحدث مع أصدقائنا وشركاء عملنا كأننا نتحدث إلى كاميرا قناة العربية أو "السي إن إن" أمام الملايين من البشر!، لا نقول ما نحس به بل ما "لا" يديننا حين يبث للدنيا، فاليوم لا يجتمع اثنان إلا وثالثهما "اليوتيوب"، وكل ضيف في بيتك هو مشروع "باباراتزي" مستعد أن يموت من أجل تحقيق نسب مشاهدة عالية على حساب سمعتك، يدخل عليك كأخ وصديق ويخرج كمراسل صحفي ولكن – للأسف - دون التدريب الذي يحصل عليه المراسل الصحفي، ودون مواثيق الشرف الإعلامية، ودون ما يسمى بضمير المهنة، ها هو الأخ الأكبر في كل "يد" لا يكتفي بمحاصرتنا، ولكن يقوم بعرض حياتنا على العالم فقط "ليطقطق" علينا!