زين العابدين غرم الغامدي


في خضم الأحداث العربية المتسارعة تشارك الفضائيات العربية بجهد مشكور في عرض الحالة العربية واستشراف المستقبل، ويبدأ الانقسام بين تلك القنوات إلى خطابين رئيسين خطاب يجتهد في فتح صفحة جديدة وبرامج تتناسب من وعظ وفتوى وإرشادات ونصائح ونحو ذلك، ويؤخذ على هذا الخطاب أنه خطاب يغلب عليه الضعف في بعض جوانبه والتقليدية وعدم مواكبة العصر؛ مما جعل الخطابات الأخرى تتفوق عليه، وتختلف درجات التفوق والانتشار بقدر ضعف تلك القنوات وضعف خطابهـا وقوة القنوات الأخرى وسعة انتشارها. وفي المقابل نجد خطاباً آخر لقنواتٍ أخرى أخذت على عاتقهـا أن تواصل مسلسلات العري والرقص وغيرهـا من البرامج الهابطة التي لا تمت للمسلمين ولا لأخلاقهم بأدنى صلة سواءً بقصد أو بغير قصد، ومن الطريف أن تجد كثيراً من الممثلين والممثلات يصرح أحدهم بقوله (الحمد لله ربنا وفقني) وهذا يدل على جهل عظيم فأيُّ توفيقٍ في رقص أو عُري وانحلال.

ومع هذا الجهل فهو أيضاً يدل على الفطرة السليمة التي تتوجه لله بحمده وهي نبتة جيدة يمكن البناء عليهـا وتنميتهـا وبيان الحق للممثل الذي يرى في التمثيل رسالة، ولاشك أن التمثيل والإعلام رسالتان قويتان إذا كانتا على منهج صحيح وثوابت شرعية.

وفي الوقت ذاته نجد أن القنوات الغربية تحترم تراث الغرب وتاريخه وأعياده ويتم التحضير المناسب لشرف تلك المناسبات والأعياد، بينما القنوات العربية لم تصل حتى إلى أقل القليل من احترام مناسبات المسلمين وأعيادهم أو على الأقل احترام مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربهـا.

ما أحوجنا اليوم إلى النقد الهادف البنَّاء الذي يحرص على توجيه الإعلام الوجهة الصحيحة وتصحيح المسار سواء النقد الذاتي أو الموضوعي والذي لا يرجح خطاباً على آخر بقدر ما يسعى لتصحيح كل الخطابات ووضعهـا على مسارها الصحيح، من خلال خبراء الإعلام العالمي والعربي وجلوس رعاة القنوات المختلفة على طاولة واحدة للحوار والبحث والمناقشة في سبل تطوير القنوات بما يتفق ويتواءم مع الدين والحضارة العربية، ويبني اللحمة الوطنية ويقويهـا في العالم العربي والإسلامي، ويبرز الوجه الحضاري الجميل للعرب بوعي ورقي ومصداقية.