حذر عدد من الخبراء والمحللين السياسيين في مصر من خطورة الزج بملف الفتنة الطائفية في أتون الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي من منصبه في الثالث من يوليو الماضي، مؤكدين أن حادثة حرق كنيسة قرية "الديبية"، بمركز الواسطي بمحافظة بني سويف تعتبر بمثابة جرس إنذار لوطن طالما تغنى أهله بأنهم "نسيج واحد في وطن واحد". وكانت الكنيسة قد تعرضت إلى الحرق بالكامل، مما أدى إلى وقوع 20 إصابة جراء الأحداث بينهم 5 مسلمين و 15 مسيحياً، احتاجت حالة البعض منهم النقل إلى المستشفى.

بداية يقول الصحفي القبطي رامي جان في تصريحات إلى "الوطن" "المحاولات المتكررة لإشعال الفتنة الطائفية لن تنجح، وفي وقت الخطر فإن المسلمين هم من سيدافعون عن الكنائس، ولا عجب في احتفاء الشباب في المظاهرات بأي مسيحي. وما تمارسه بعض الجهات المشبوهة وصاحبة الغرض لإشعال الفتنة أصبحت ورقة محروقة ومكشوفة للجميع، وهي ألاعيب لن تنجح في إسقاط مصر".

من جانبه يؤكد القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني الدكتور وحيد عبد المجيد أن محاولات نشر الشائعات والفتنة الطائفية والعنف في محافظات الجمهورية المختلفة، هي جزء من حرب متعددة الجوانب، تشنها جماعة الإخوان المسلمين على الشعب المصري لتصدير صورة للرأي العام الخارجي أن هناك صراعات داخلية في مصر، وأضاف "الجهات الأمنية يجب أن تحدد موقفها من هذه التصرفات، وتحدد طريقة التعامل معها، والإجراءات التي يجب أن تتخذها وفقاً للقانون، وذلك لمواجهة هذه الحرب متعددة الجوانب التي تشنها الجماعة على المصريين".

وبدوره يقول المتحدث باسم حركة شباب 6 أبريل مصطفى الحجري "في الفترة الحالية، وفي ظل عدم توافر المعلومات، لا أحد يملك اليقين حول ما إذا كانت هذه الأحداث الطائفية مترابطة وتتم بشكل منظم، وحول ما إذا كان الإخوان وراءها أم لا، والحديث حول تدخل الجماعة في تنظيم تلك الأحداث الطائفية هو عبارة عن استنتاجات، لكنها غير مؤكدة أو يقينية. إلا أن القرائن تؤكد أنهم أحد الأسباب الرئيسة في تلك الأحداث، حتى وإن تمت بشكل فردي، فهي نتاج خطابهم الطائفي والتحريضي والتكفيري المتشدد، وتصريحاتهم الطائفية ورعايتهم لهؤلاء المتشددين".

أما الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون القبطية سامح فوزي فيرى أن الأحداث والتوترات الطائفية التي تعاني منها مصر منذ أكثر من 30 عاماً تدار بنفس الطريقة، فتبدأ بخلاف عادي ثم مواجهات طائفية وتنتهي بجلسات صلح عرفية. ويضيف "غياب القانون والعدالة سيؤدي إلى مزيد من تلك الأحداث، خاصة وأن الأحداث الطائفية التي اندلعت في محافظتي المنيا وبني سويف جاءت نتيجة التعبئة والحشد من قبل الجماعات الإسلامية المنتشرة في محافظات الوجه القبلي"، متوقعاً تكرار مثل تلك الأحداث وانتقالها من محافظة إلى أخرى لإيجاد بؤر عدم استقرار، ومناخ قابل للاشتعال في أي وقت. مشيراً إلى أن هذه الأحداث ربما تكون عقاباً للأقباط على المشاركة في ثورة 30 يونيو وإسقاط جماعة الإخوان المسلمين.

وفي ذات السياق وصفت أمينة لجنة الحقوق والحريات للحزب المصري الديمقراطي شيرين فاروق دور الشرطة بأنه متهاون في جميع الأحداث الطائفية التي اندلعت في مصر مؤخراً، كحرق منازل الأقباط في محافظتي المنيا وبني سويف، وتابعت "الجيش والشرطة يتمركزان في القاهرة ولا يوجد أمن لحماية المصريين وخاصة الأقباط في محافظات الصعيد، ولا يجب أن تكون الجلسات العرفية هي الحكم، فتلك الجلسات تقضي على سيادة القانون والدولة". مؤكدة أن تلك الأحداث تدق ناقوس الخطر. وتؤكد أن هناك مؤامرات تحاك ضد الشعب المصري وضد ثورة 30 يونيو، وأن تلك المؤامرات تتلخص في إشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.

بالمقابل ينفي القيادي بحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمال حشمت أن تكون هناك أي علاقة بين الجماعة وبين تلك الأزمات الطائفية، ويقول "اللعب بالفتنة الطائفية يعد ورقة أخيرة من جانب من يخططون لهدم الدولة المصرية، وهو ما يعد خطاً أحمر لا يمكن المساس به، خاصة وأن المصريين على أرض الواقع لا يوجد بينهم خلاف كي تحدث فتنة طائفية، وأن مساعي نشر تلك الفتنة يستهدف بث الفوضى، ولا بد أن تكون مصلحة مصر هي الأهم، وأن تقوم القوى الوطنية بالمشاركة في بناء الدولة.