مزرعة مهجورة أو قطعة أرض، تم التنازع عليها ووصل الأمر بين المتخاصمين إلى الاحتكام إلى شريعة الغاب، فوثب أحدهما على الآخر فقتله.. تم اقتياده إلى ساحة القصاص؛ لتنفيذ شرع الله المطهر فيه، لتطوى صفحة ملوثة بالأحقاد وغياب العقل والحكمة والفطنة.. تم دفن الاثنين، وبقيت الأرض مأوى للقطط والكلاب الضالة، تبحث عن ضحايا جدد من الأبناء والأحفاد!
كثيرون - والعياذ بالله - تم اقتيادهم إلى ساحات القصاص، وتم تنفيذ أحكام الشرع فيهم.. قصص مؤلمة كثيرة وحكايات لا تسر.. كلها لأجل ملكية قطعة أرض، أو حدود مزرعة، أو غير ذلك.. هذه جاهلية رعناء.. تخلفٌ لا حد له.. كأننا نعيش في الظلام قبل مئتي سنة!
اليوم هناك خطوة منتظرة من وزارة الداخلية، ممثلة في إمارات المناطق وهيئات إصلاح ذات البين، أن تضع حداً لملف الأراضي والمزارع المتنازع عليها في القرى والأرياف - على غرار الخطوة التي نفذتها وزارة التجارة والمتعلقة بوضع حد نهائي لملف المساهمات العقارية المتعثرة منذ سنوات.. وكان خبراً ساراً حينها حيث تم الإفراج عن كثير من أموال المساهمين -
يمنح المتخاصمين على هذه الأرض، أو على حدود هذه الأرض مهلة محددة للتصالح، فإن لم يتم الاتفاق تتم مصادرة الأرض بقوة النظام، وإحالتها لـ"وقف" تشرف عليه إمارة المنطقة، يصرف من ريعه على الأيتام والمعاقين.. ذاك أفضل من أن يتم تعطيل هذه الأرض، سنوات طويلة بسبب نزاعات يتوارثها الأجيال ويدفعون ثمنها..
كذلك الأمر بالنسبة للمزارع التي تضررت بسبب النزاعات على حدودها وأطوالها.. لا يجب ترك التنمية في بعض المناطق تتعثر بسبب تخلف، أو جهل، أو ممانعة فئام قليلة من الناس.. هؤلاء عرقلوا التنمية في القرى والأرياف.. أشغلوا أجهزة القضاء.. أشغلوا إمارات المناطق.. امتلأت بهم السجون، انتهت حياة كثير منهم بشكل مأساوي.. ولسنا عاجزين عن حل هذه القضايا إن توفرت الإرادة الحقيقية.