كنت وما زلت كغيري نؤمن أننا كوطن مطمع الكثيرين، وأن البعض يتطلع لأن نكون لقمة سائغة في فمه، وأن أعداءنا كثر، وحلفاءنا ليسوا بأصدقاء، فالعلاقة التي تجمعنا بمعظمهم تعتمد على المصالح التي يأملون الحصول عليها، فالبراجماتية تحركهم يمنة ويسرة، إلى الأعلى أو إلى الأسفل، المهم أن تصب في جعبتنا مطامع لا تهدأ إلا لتزداد اشتعالا.
فهم يكيدون لنا في حلك الظلام، أومن وراء الأبواب، ولا يتورعون عن إظهار تقاعسهم عن نصرة الضعيف منا، أو لنقل.. عن الوفاء بوعودهم في نصرة المظلوم.. فموت الأطفال والنساء والشيوخ وشباب سورية وتجويعهم وترويع الأحياء منهم أمر خارج عن دائرة اهتمامهم.
ولكن الجديد هو أن أسدا من أسودنا خرج من عرينه وكشر عن أنيابه، وأعلن عن غضبه ممن تخلى عن الضعفاء وتركهم يموتون بيد قتلة لا يعرفون الرحمة ولا يخافون يوم الحساب، عصابة من المحال أن تتوقف عن غيها ما لم تر تحركا عالميا أو إقليميا يوقفها عن غيها، ولا أستبعد أن توجه شرورها إلى خارج حدودها طلبا لتوسعة نطاق القتل والدمار والإرهاب.
أميركا والغرب تخلوا عن سورية وشعبها، ولا أعرف ما يمكن أن نقوله لأبنائنا عندما يعاتبوننا لمتابعتنا تسويف العالم الغربي بما فيه أميركا، بحراك سياسي يشتد تعقيدا يوما بعد يوم، وكل ما أتمناه هو أن نرى هذا الحراك قد تحول قريبا إلى اتحاد عربي إسلامي لإنقاذ سورية وإخماد نار أشعلها بشار ومن معه، الذين ـ مع الأسف ـ أثبتوا أنهم أكثر وفاء لهذا الطاغية من دول كبرى ادعت وما زالت تدعي نصرتها للمظلوم.
قد تعتقد تلك الدول أن سورية قادرة بمفردها على تحرير وطنها من سلطة السفاك، لكنه استعان هذا السفاك بمشيليات حزب الله والعراق ووجه الحية إيران، إن الشعب السوري ـ كان الله سبحانه في عونه ـ بقي مناضلا أمام ترسانة وحشية تأتيه من جميع الجهات.
أما ادعاؤهم أنهم يخشون إذا ساندوا الشعب السوري المناضل بالسلاح أن تتصاعد قوة الإرهاب وتستلم السلطة، فعجيب! ألا يعلمون أن تخاذل العالم عن نصرتهم سيوجههم شاؤوا أم أبوا إلى هؤلاء، وقد تتولد في نفوسهم روح الانتقام ممن خذلهم وادعى دفاعه عن حقوق الإنسان، كل ذلك ممكن فهو يرى أطفاله ونساءه وأخواته وإخوانه ورفاقه وكل من عرف يقتل بدم بارد، لقد شاهد دموع والديه وسمع أنينهما، كما طرق الأبواب وأثبت بالدلائل أن ذاك "النشار" قاتل، ومن معه قتلة مأجورون، ومع ذلك لم يسمع إلا صدى صوته، ولم ير إلا خيال أبدان فقدت إحساسها بالإنسان.
لقد تخاذل العالم عن نصرة سورية وأهلها، فعالم اليوم لا يحترم إلا من امتلك السلاح ولم يتورع عن إطلاقه في وجه العزل، العالم الذي أدمن التنظير وأتقن فنونه.
وليسمح لي صاحب السمو الملكي محمد بن نواف بن عبدالعزيز سفير البلاد في بريطانيا، بالإشارة إلى بعض ما جاء في مقال له نشر مؤخرا في "نيويورك تايمز"، ففيه ستجد نفوسنا بعض الراحة ريثما نعايش حراكا فاعلا في سبيل تحرير سورية من الظالم وأهله. فقد جاء في مقاله هذا:
• أن المملكة العربية السعودية ستتحرك بمفردها للمحافظة على الاستقرار الحقيقي في المنطقة سواء بمساعدة الحلفاء الغربيين أو بدونهم.
• إنّ عقودا من الشراكة بين المملكة وأصدقائها وحلفائها الغربيين، وضعت على المحك في الآونة الأخيرة بسبب اختلافات بشأن الملفين السوري والإيراني.
• سياسات الغرب بشأن هذين الملفين - الإيراني والسوري- باتت تهدد الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، هذه مجازفة خطيرة لا يمكننا لزوم الصمت حيالها، ولن نقف مكتوفي الأيدي.
• الأخطاء المرتكبة من قبل الغرب.. أدت وفقا لدراسات حديثة إلى أن 11 ألف طفل سوري قتلوا وأن 70 بالمئة من القتلى قضوا تحت وابل القصف الجوي والقذائف.
• إن مسؤولية المملكة في المنطقة باعتبارها "مهد الإسلام وواحدة من أبرز القوى السياسية في العالم العربي، وكذلك بمسؤولياتها الكونية السياسية والاقتصادية باعتبارها بحكم الواقع بنك الطاقة المركزي"، وهو ما يفرض مسؤوليات إنسانية لإنهاء المعاناة في سورية.
•"من السهل للبعض استعمال تهديد القاعدة بأعمال إرهابية كحجة للتردد أو لعدم التحرك.
• الوسيلة لتحاشي تمادي التطرف في سورية وفي أماكن أخرى يكون بدعم الاعتدال ماليا وماديا ونعم عسكريا إذا تطلب الأمر ذلك.
أتمنى كمواطنة سعودية أن نسعى جاهدين لامتلاك سلاح نووي يخصص لأغراض دفاعية، سواء وافق العالم على ذلك أم لم يوافق، علينا أن نسعى لحماية أنفسنا ومقدراتنا، وأطهر بقاع الأرض مكة المكرمة والمدينة المنورة والحجاج والمعتمرين، من أناس امتهنوا القتل والتعذيب وهتك الأعراض واعتبروا ذلك من القربات، كما علينا أن نطيع الله سبحانه الذي أمرنا أن نقاتل في جانب المظلوم ونسعى إلى نصرته، قال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)، والله المستعان.