دعت عدة شخصيات سياسية وحزبية الحكومة المصرية إلى التعامل بحزم مع المعتصمين في ميداني رابعة العدوية والنهضة، ودعوا إلى سرعة فض الاعتصامين ولو بالقوة، نسبة لما يمثلانه من خطر على الأمن القومي، لا سيما بعد ورود معلومات مؤكدة عن وجود أسلحة بالميدانين وقيام المعتصمين بممارسة التعذيب بحق بعض المواطنين بدعوى أنهم جواسيس محسوبون على النظام والحكومة. وقال المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء شريف شوقي: "يجب أن يعلم الجميع أن الدولة المصرية ذات هيبة، وأنه لا خيار في هذا الأمر، وأن الأولوية تمنح لاعتبارات الأمن القومي. وهناك العديد من الآليات لفض اعتصامي رابعة والنهضة، وبدأت بعض الخطوات بالفعل مثل قطع الكهرباء والمياه عن المنطقة، وسوف تتوالى الآليات لفض الاعتصام، سواء بطرق سلمية أو بالطرق الأخرى التي تنتهجها القوات أو الحكومة من أجل فض الاعتصام بسرعة وفي أقرب وقت". ومن جانبه، دعا نائب رئيس حزب النور السلفي الدكتور بسام الزرقا إلى سرعة فض الاعتصامين، وقال في تصريحات صحفية إنه لا بد من وجود حل فوري لفض المعتصمين قبل فوات الأوان، ودعا السلطات الحكومية وأجهزة الأمن إلى استنفاد الطرق السلمية قبل اللجوء لخيار القوة، حقناً للدماء التي سوف تسيل من الطرفين.
وكانت مصادر أمنية وحكومية قد توقعت أن تبدأ الشرطة المصرية التحرك ضد المعتصمين في وقت مبكر من صباح اليوم.
من ناحية أخرى، واصل الأزهر الشريف أمس جهوده واتصالاته لليوم الثاني على التوالي لعقد اجتماع عاجل يجمع خلاله أصحاب المبادرات التي قدمت خلال الفترة الماضية للخروج من الأزمة الراهنة. وقال مستشار شيخ الأزهر الدكتور محمد مهنا إنه ستتم دعوة جماعة الإخوان المسلمين لاجتماع تجرى فيه مناقشة مبادرات المصالحة الصادرة من القوى السياسية، وشدد مهنا على أن الأزهر ليس وسيطاً بين أطراف، إنما يقوم بدوره انطلاقاً من ثوابته وقناعاته الوطنية والعلمية. وقد تلقى الأزهر الفترة الماضية مبادرات عديدة من تيارات إسلامية ومدنية، وعكف على دراستها، وقرر أن يجمع أصحابها في لقاءات تشاورية للوصول إلى المشترك بينها الذي يمكن البناء عليه.
وكانت مختلف فئات المجتمع المصري قد أيدت الدعوة التي أطلقها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لجمع شمل أصحاب المبادرات السياسية، بحثاً عن كلمة سواء لتحقيق المصالحة، ووقف نزيف الدم، وإنهاء الأزمة السياسية الطاحنة المتفجرة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسى في الثالث من يوليو الماضي. ويقول الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية الدكتور جعفر عبدالسلام: "أرى أن دعوة الأزهر هي دعوة جادة للخروج من الأزمة، والبحث عن حل يؤدي لجلوس الجميع على طاولة المفاوضات، على أن يتنازل كل طرف عن بعض مطالبه، لتتحرك سفينة الدولة". وأضاف في تصريحات إلى "الوطن" "إنها محاولة حقيقية لإنهاء الوضع المتوتر، فشيخ الأزهر مسؤول الآن أمام الأمة لحقن الدماء، فليس هناك وسيلة أخرى لإنهاء الأزمة، فإما سلماً وصلحاً، وإما بالقوة التي لا يوجد عاقل يقول بها ويتحمل كلفتها من دماء، وذلك على رغم بعض الأصوات التي تنادي بسحق المعارضين. ولكن ليس هناك حل سوى تنازل كل فريق، وأتصور أن على جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي يمكن أن يتنازل عن عودة مرسي وعن مجلس الشورى. كما أن الدستور المستفتى عليه لا بأس به وهو جيد يمكن العودة للعمل به، وتعديل المواد المختلف عليها بالتوافق". وأكد عبد السلام أنه يفضل أن يتنازل الرئيس المعزول مرسي عن الرئاسة حيث إن فترة حكمه شهدت فشلاً كبيراً في إدارة البلاد.
أما رئيس حزب "الوطن" السلفي ومساعد رئيس الجمهورية السابق الدكتور عماد عبد الغفور فيرى أن أية خطوة للمصالحة في ظل الظروف الراهنة لن يكتب لها النجاح ما لم تحدث تنازلات من الطرفين. وطالب الحكومة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين كخطوة نحو إبداء حسن النية، على أن يقدم الطرف الآخر بعض التنازلات ليصبح ذلك بمثابة أرضية صالحة نحو الوصول إلى حلول نهائية.