استقطبت كهوف ومغارات جبل القارة "السياحي" في واحة الأحساء، ومواقع متنزه الأحساء الوطني بمدينة العمران، خلال عيد الفطر المبارك الزوار الذين حرصوا على زيارة هذين الموقعين، اللذين لا يفصل بينهما سوى كيلومترات قليلة، وذلك للاستمتاع بأجواء الطقس الباردة داخل مغارة الجبل، التي تخالف درجات حرارة الأجواء خارج الجبل، إذ لا تتعدي درجة حرارة الأجزاء الداخلية لبعض المغارات 28 درجة مئوية، في حين سجلت درجات الحرارة خلال ساعات النهار خارج مغارة الجبل أكثر من 46 درجة.
واستمتع زوار المتنزه بممارسة ركوب الخيل والدراجات النارية، واختلفت مظاهر الاحتفال باختلاف الجنسيات، وكانت البهجة والفرحة على وجوه الجميع هي العامل المشترك فيما بين الكل.
وتداولت مواقع إلكترونية خلال اليومين الماضيين، أخباراً وصوراً كثيرة لطوابير الانتظار لمجموعة كبيرة من المقيمين، وهم في طريقهم للدخول إلى مغارات الجبل، وهي ما ساهم في تحفيز الآخرين على التوجه إلى الجبل، فيما حرصت إدارة المتنزه على توزيع الورود ومياه "الورد" على زوار المتنزه.
وأشار ناهيز شاش "آسيوي" إلى أنه حضر إلى جبل القارة في الأحساء، قادماً من محافظة الظهران، بعد سماعهم عن ميزاته الطبيعية من بعض الأصدقاء ومن وسائل الإعلام، وبالأخص إبان مشاركة واحة الأحساء في مسابقة عجائب الدنيا الطبيعية السبع في العالم قبل 5 سنوات، وبلوغها مراكز متقدمة في التصويت، مؤكداً أن المظاهر الطبيعية في الواحة أكثر من رائعة.
وأوضح ناصر البراهيم "سائق حافلة صغيرة" أن أيام العيد سوق رائجة للكثير من قائدي الحافلات والميكروباصات في العمل كسائقين سياحيين للعمالة المقيمة، وأن أكثر موقعين يحرصون على زيارتهما في العيد داخل واحة الأحساء هما جبل القارة، والمتنزه الوطني، مضيفاً أن الرحلة تعتمد على عدد الساعات، ومعدل الرحلة لـ 12 راكباً في حافلته خلال ساعات العصر 250 ريالا.
وبدوره، قال الباحث والمهتم في شؤون جبل "القارة" بالأحساء عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي محمد الجلواح لـ "الوطن" إن كهوف الجبل تمتاز بخلوها من الحيوانات والحشرات الضارة والمزعجة على اختلاف أنواعها، وبخاصة تلك التي يطرقها الإنسان، ويضاف إلى ذلك الجمال الساحر الذي تظهره الأسقف الجبلية لتلك الكهوف، إذ أنها تتكون من قطع جبلية صغيرة وكبيرة ملتصقة بعضها ببعض بشكل يظهر وكأنها آيلة للسقوط، إلا أنها تبقى مشدودة ومتماسكة مع مرور الأيام والأعوام مظللة كهوفها، وحارسة لطرقها ومقاومة لكل عوامل التعرية، كما تأتي أهمية كهوف الجبل من كونها تنعم بجو بارد في فصل الصيف، ودافئ في الشتاء.
ووصف الجبل بـ "الأعجوبة الثامنة"، مؤكداً أن ما يميز مغارات الجبل هو انخفاض درجة الحرارة فيها، وبخاصة عندما يكون الجو الخارجي بالغ الحرارة، ومن أبرد هذه المغارات مغارة معروفة بـ "غار النشَّاب" فبمجرد الإقبال على مدخلها الذي يفضي عبر دهليز ضيق به عدد من العتبات الممهدة إلى قاعة فسيحة ينعم مرتادوها بالبرد الشديد في الصيف.
وعزا سبب حالة الطقس في داخل الجبل المعاكسة للطقس الخارجي يعود لوجود فتحات وأخاديد عميقة، وقد تركت تلك العوامل فتحات كرويّة تنتهي بفتحات مستقيمة، ودقيقة في معظم أجزاء المغارات الخارجية، كما أدت عوامل التعرية في أماكنها العديدة إلى تكوين مغارات طبيعية مختلفة العمق داخل الطبقة السفلية لجوانب الجبل، بحيث أن الطبقة العليا الأقل تآكلاً أمام الكهف، تاركة مدخلاً ضيقاً للعبور وأحياناً تسقط أحد الصخور أمام أحد الكهوف، فيؤدي ذلك إلى جانب عمق هذه المغارات، ودوران الهواء إلى جعلها باردة جداً في الصيف في جوانب الكهف، وكذلك برودة الجبل ناشئة من وقوعه أسفل الواحة حيث تتسرب مياهها الجوفية، كما أنه يتكون من صخور عظيمة تحجب حرارة الشمس عن الوصول إلى داخله، فيمر الهواء في مغاراته المظللة ليصل- أي الهواء – إلى أسفل المغارات الباردة أصلاً، أما دفء الشتاء فيؤدي تساقط الصخور في تلك المغارات إلى توقف دوران الهواء شتاءً، فتخرج الصخور ما تم تخزينه من حرارة الشمس صيفاً، وقذفها-أي الحرارة-إلى داخل الكهف فينشأ الدفء.