وصف نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايكل موريل، الحرب الأهلية في سورية بأنها تمثل أكبر تهديد على أمن الولايات المتحدة. وقال في تصريحات صحفية عقب مغادرته الوكالة التي عمل فيها لمدة 33 عاماً "مشكلة النزاع السوري وما تشكله من تهديد واضح لأمن المنطقة هي أكبر التحديات التي نواجهها اليوم بسبب المنحى الذي تأخذه. فهناك أعداد متزايدة من المقاتلين الإسلاميين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوف المعارضة لمواجهة بطش نظام الأسد. والخطر هو أن يتجاوز النزاع حدود سورية، أو أن ينهار النظام فجأة لتتحول البلاد إلى ملجأ جديد للقاعدة. أو أن ينتصر الأسد المدعوم من إيران وحزب الله وفيالق العراق الشيعية، مما يعطي النظام الإيراني القدرة على المناورة وتقوية قوات حزب الله". ودعا موريل الإدارة الأميركية إلى "النظر بشكل أعمق مع هذا التهديد، واتخاذ خطوات عملية أكثر موضوعية، تشمل مساعدة الثوار على تغيير النظام وتسليح قوات المعارضة بشكل جيد لتكون قادرة على مقارعة جيوش الأسد وهزيمتها".
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد تعرض إلى انتقادات حادة من جانب الكثير من أعضاء الكونجرس الأميركي بسبب عدم وضوح رؤية الولايات المتحدة من الأزمة في سورية. حيث وصف بعض الخبراء موقفه بأنه "متردد وغير واضح". حيث قال الباحث في معهد بروكينجز للدراسات ستيفن بايفر، خلال ندوة أقامها المعهد "موقف الإدارة مما يحدث في سورية غامض ويتسم بعدم الوضوح وانعدام الرؤية الاستراتيجية. فهناك خلافات عميقة بشأن ما يتعين عمله في سورية. ونحن أمام موقف غائم. وعلى البيت الأبيض أن يتحرك بسرعة ويقف إلى جانب الثوار حتى لا تتحول المنطقة إلى أفغانستان جديدة". وأضاف "الرئيس أوباما قال في اليوم الأول لاندلاع الأزمة إن على الأسد أن يرحل ثم تراجع بعد ذلك. كما قال إن استخدام الأسلحة الكيماوية خط أحمر ثم تراجع بعد ذلك. الواضح أن لدينا أزمة هنا. وأعتقد أن تلك الأزمة تتلخص في عدم وجود رؤية واضحة لما نريد أن نحققه في الشرق الأوسط".
بدوره، قال مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط روبرت ساتلوف: إن الإدارة الأميركية تفرط في مكتسباتها ومناطق نفوذها في الشرق الأوسط بترددها وعدم جديتها في معالجة الأزمة السورية، وأشار في دراسة نشرها المعهد إلى أن كل الدول العربية والخليجية تقف إلى جانب الثوار السوريين، وقال "الموقف الذي تتبعه الحكومة حالياً يهدد علاقاتنا السياسية والاقتصادية مع دول الخليج، التي ظلت متميزة على مدار التاريخ. لذلك لا بد من موقف قوي يعيد الطمأنينة إلى هذه الشعوب.
وكان رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا، قد زار واشنطن ضمن جولة غربية أواسط الشهر الماضي وطلب بصراحة تزويد مقاتليه بالسلاح الذي يمكنهم من تحقيق توازن على الأرض مع قوات النظام السوري. وربط الموافقة على حضور مؤتمر جنيف2 الذي تدفع واشنطن باتجاه عقده بالحصول على ذلك السلاح.
على صعيد ميداني، لقي 61 شخصاً مصرعهم أمس في سورية بعد تعرض العشرات من المدن والبلدات في أول أيام عيد الفطر لقصف بمختلف أنواع الأسلحة من قبل قوات النظام. وأعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن معظم القتلى كانوا في دمشق وريفها وإدلب. وأن قوات النظام قصفت ريف دمشق بالطائرات، واستهدف القصف الأحياء السكنية والبنى التحتية، ودُمرت عدة مبان بأكملها. كما قصفت بالمدفعية مصْيَف سلمى وقرى جبل الأكراد في ريف اللاذقية، موضحاً أن القصف تركز أيضا على منطقة دورين. وقد تجددت الاشتباكات هناك بين المعارضة المسلحة وقوات النظام التي تحاول استعادة ما فقدته من مواقع. أما في حمص، فقال ناشطون إن 25 شخصا قتلوا في غارة استهدفت بلدة الزعفرانة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عشرات المدن والبلدات في دير الزور وريف إدلب وريف حلب تعرضت للقصف من قبل قوات النظام، سواء عبر الطيران الحربي أو بالقصف المدفعي والصاروخي وقذائف الهاون.
وفي محافظة حلب دارت اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام في محيط سجن حلب المركزي، واستهدف الجيش الحر قوات النظام المتمركزة في مطارات: حلب الدولي والنيرب وكويرس العسكريين بالصواريخ. ورغم القصف المتجدد، خرجت مظاهرات في مدن وقرى عدة مؤيدة للمعارضة. ففي بصرى الشام وحوران ومناطق أخرى في درعا خرج المتظاهرون في مسيرات بعد الصلاة رافعين لافتات مؤيدة للمعارضة. كما نظم اتحاد إعلاميي المدينة مظاهرة في أول أيام العيد تأكيدا على استمرار النشاط السلمي، كما خرج متظاهرون في حي التوحيد في حلب لنصرة الجيش الحر رغم الحصار الأمني.