هذا العنوان هو شعار "مهرجان الثقافات والشعوب" في نسخته الثالثة الذي أقامته الجامعة الإسلامية تزامنا مع مناسبة "المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية" لهذا العام "2013"، وقد افتتحه معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السند، الذي شارك الطلاب هذا الاحتفاء الثقافي، وكانوا سعيدين بالدعم والإطراء والتشجيع.

والحقيقة أن الجامعة قد أفادت طلابها في هذا المهرجان الذي تطور هذا العام كثيرا، وأبرز ثقافات الشعوب وانتماءاتها بشكل أكبر، وأظهر التعددية والثراء الثقافي واللغوي والعرقي الذي تكتنزه الجامعة الإسلامية تحت سقفها من مختلف القارات الخمس، كما أسهم في تعريف المواطنين السعوديين والمقيمين العرب بهويات ثقافية مغايرة لشعوب إسلامية مختلفة بلغاتها ولهجاتها وتقاليدها، وطرائق مجتمعاتها في الأطعمة والأواني والسكن والملابس والأهازيج الشعبية.

دول بعضها معروفة للزائر والبعض الآخر قد لا يعرفه سوى المهتمين والباحثين، لكن مختلف الدول توفد طلابها للدراسة في هذه الجامعة العالمية، التي تستقطب أكثر من عشرين ألف طالب ينتمون لأكثر من 168 جنسية من مختلف الدول حول العالم.

الجميل في الأمر، أن هؤلاء الطلاب قد قدموا من بلدانهم، فأجاد كثير منهم اللغة العربية ـ ربما أكثر من أبناء اللغة العربية ذاتها ـ فظهر فيهم الشعراء والخطباء، وخلال فعاليات هذا المهرجان، كان لزاما على الزائر أن يتحدث الفصحى، وهي اللغة التي تعلموها، وفي المقابل برزت مختلف اللغات في العبارات الترحيبية المنطوقة والمكتوبة بأكثر من 100 لغة في الأجنحة المشاركة، التي يتقدمها جناح المملكة، وتمثلها منطقة المدينة المنورة، واشتملت العروض الحية من قبل الطلبة على كلمات الترحيب والتعريف ببلدانهم، وارتداء زيهم الوطني، وعرض الأناشيد الوطنية والألعاب الشعبية، والأطعمة والأشربة، والحرف، والمعالم، والسكن التقليدي، مع عروض وصور تعريفية مصاحبة لجغرافية البلدان في إثراء ثقافي أمتع الطلاب والزائرين.

ورغم أن ما تم هو بجهود ذاتية من قبل الطلاب أنفسهم، وبمتابعة من سفارات بلدانهم في المملكة كما صرح عميد شؤون الطلاب الدكتور حسين العبدلي لبعض وسائل الإعلام، إلا أن المهرجان أتاح لهم هذا النشاط الطلابي فرصة للتعبير عن الذات من خلال التعريف ببلدانهم، يرافقه شعور بقربهم من ثقافاتهم الوطنية وقربهم في الوقت ذاته من مختلف الثقافات أخرى، وقد شاهدت كيف يتجول الطلاب بين الأجنحة المتجاورة يتعرفون عن قرب على ثقافات بعضهم البعض بكل حميمية واهتمام.

ويمكن لهذا المهرجان الثقافي العالمي أن يتطور ليكون رافدا ثقافيا وسياحيا لسكان وزوار المدينة المنورة، وذلك عبر زيادة عدد أيامه، وإتاحة الفرصة لرعايته والمشاركة فيه من قبل بعض المؤسسات الحكومية والخاصة، بما يسهم في جعله فرصة إثرائية للثقافة تنطلق من المدينة المنورة، التي هي العاصمة التاريخية للثقافة العربية والإسلامية، بما يمنح الفرصة للمشاركين أن يتنافسوا في التمثيل الثقافي لبلدانهم في صورة بانورامية تُبرز الاختلاف بصورته الحقيقية، وهي أن الاختلاف والتباين الثقافي ليس سيئا، ولا ينعكس بالضرورة سلبا على الأفراد والمجتمعات، وإنما نحن من نصنع منه صوره الإيجابية أو السلبية، بل يمكن لهذا الاختلاف أن يثري المعرفة والثقافة، ويوسع المدارك والاطلاع على أشياء لم ترَ من قبل.

فأثناء تجولي في أجنحة هذا المهرجان تبادرت إلى ذهني فكرة، وهي تأسيس مركز ثقافي جامعي يحتوي معرضا دائما، كما هو موجود في بعض الجامعات، الهدف منه إتاحة الفرصة أمام الطلاب بشكل دائم للتعرف على الدول التي ينتمي إليها زملاؤهم، وعلى أبرز مظاهر الثقافات فيها، استثمارا لتعدد الثقافات والجنسيات، وتنويعا في الأنشطة الطلابية، مما يسهم في جعل العالم المتعدد تحت سقف واحد، ضمن الإطار الثقافي الأشمل للثقافة الإسلامية.