اختلف العيد في مصر هذا العام عن الأعوام الماضية، حيث كان المصريون يؤدون كغيرهم صلاة العيد في الميادين العامة وأمام المساجد، دون اصطفاف سياسي أو تفرقة بينهم. إلا أن صلاة العيد هذا العام اقتصرت في معظم أنحاء القاهرة على ميداني "التحرير" و"رابعة العدوية". ففي الأول اصطف غالبية المصريين الذين يؤيدون الجيش والحكومة الجديدة للصلاة، ولم تغب اللافتات السياسية عن المشهد. وكان لافتاً امتزاج المواطنين مع جنود القوات المسلحة الذين أتوا لأداء الصلاة بأزيائهم العسكرية الرسمية، في مشهد أكد عمق التلاحم بين الشعب والجيش. وكان ميدان التحرير قد أصبح رمزاً للسواد الأعظم من الجماهير التي اتخذت منه مكاناً انطلقت منه ثورة 25 يناير التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك، كما اعتصم فيه المتظاهرون الذين رفضوا سياسات الإخوان المسلمين، وأطلقوا من ذات المكان الشرارة التي أشعلت الانتفاضة الثانية التي أعلنت انتهاء فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. ولم تحل قدسية هذا اليوم دون وقوع بعض المناوشات والاشتباكات بسبب الاختلاف في المواقف السياسية، حيث حاول بعض الإخوان دخول ميدان التحرير للاعتداء على المعتصمين، إلا أن جنود الجيش وجدوا بكثافة عند مدخل الميدان للحيلولة دون وقوع اشتباكات بين الجانبين. وانضم الجنود إلى المصلين الذين هتفت جموعهم لتحيتهم.

وكان الشيخ مظهر شاهين الذي أم المصلين وألقى خطبة العيد عقب انتهاء الصلاة قد دعا إلى خروج الشعب المصري في تظاهرات لرفض المعونة الأميركية، مؤكداً أن مصر بعد ثورة 30 يونيو "لن تقبل التدخل في شؤونها". وجدد شاهين تأييده للعملية الانتقالية المدعومة من الجيش. ودعا جموع المصلين إلى "الحفاظ على ثورتهم الثانية، وعدم التفريط في حقوقهم". كما ناشد الجميع الاستماع إلى صوت العقل وتغليب مصلحة البلاد على ما سواها والانصراف إلى العمل والإنتاج "بدلاً عن الاعتصامات التي لن تؤدي إلى نتيجة سوى إراقة المزيد من الدماء"، حسب قوله.

وفي الجانب المقابل أدى أنصار الرئيس المعزول مرسي صلاة العيد في مسجد رابعة العدوية بالقاهرة. وكان الحدث البارز اعتماد الإخوان على الجانب النفسي للمصلين ومحاولة إلهاب مشاعرهم، حينما صعدت زوجة الرئيس المعزول مرسي وابنته إلى المنصة الرئيسية عقب الصلاة، وهو ما انتقدته عدة شخصيات باعتبار ذلك "نوعاً من المتاجرة بعواطف البسطاء".

بالمقابل طالب إمام وخطيب الجامع الأزهر الشيخ زكريا مرزوق المصريين "بتقديم مصلحة الوطن فوق أي مصالح أخرى حزبية أو سياسية وأن يتعاونوا جميعاً وليعذر بعضهم البعض في اختلافاتهم ويتفقوا جميعاً على معنى الوسطية ونصرة المظلوم". وأكد خلال خطبة صلاة عيد الفطر المبارك بجامع الأزهر أمس ضرورة حقن دماء الأمة الإسلامية، لافتا الانتباه إلى تحريم الإسلام للدم والعرض والمال. وطالب المسلمين باستغلال هذا اليوم الكريم بالمصافحة والتهنئة بين الجميع.

إلى ذلك قام وفد برلماني من بريطانيا وأيرلندا بزيارة مقر اعتصام رابعة العدوية، وضم الوفد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأيرلندي بات برين، وعضوي مجلس اللوردات البريطاني اللورد نورمان وارنر والبارونة كيشوير فولكنر. وقد التقى الوفد قيادات الإخوان المسلمين وكما زار المستشفى الميداني. وقال رئيس الوفد اللورد نورمان ورنر إن الوفد يتفهم دوافع المعتصمين، وإنه يقف من الجميع على مسافة واحدة دون انحياز أو تفضيل لطرف.