أثبتت القلة النادرة ممن احتجوا على صدور "نظام جرائم الإرهاب وتمويله وعقوبات جرائمه"، وتم إقراره يوم الاثنين الماضي بجلسة مجلس الوزراء، أن على رؤوسهم من البطحاء ما جعلهم يرفضونه، رغم سيل الرضا العارم والمبارك لصدوره والإشادة بدقته ووضوحه من نخب المجتمع.
ورغم أهمية الأنظمة المعمول بها سابقا والتي عملت على استئصال الإرهاب، إلا أن القانون الأخير يعالج المستجدات، وأبرزها حالة امتهان التحريض، المفتوح على مصراعيه وعلى جميع ما يمس شؤون المواطن والوطن. بصدور هذا النظام الذي طال انتظاره باتت لدى المواطن الغيور على وطنه ومكتسباته أدوات قانونية، تتيح له من خلال وعيه عدم السماح لمن هب ودب بارتكاب ما يسمونه حرية تعبير ويسميه أي عاقل في العالم "تحريضا علنيا" لا يحتاج لاكتشافه أكثر من وعي وفطرة المؤمن الصالح الباحث عن الخير والنماء لوطنه وحتى أوطان الآخرين، وسط غابة التحريض والتجييش وهي من أدوات الحرب المستعرة على منطقتنا، وكلما أخمدت نارها في موضع أوقدت في آخر.
أبرز ما حدده "نظام جرائم الإرهاب وتمويله وعقوبات جرائمه"، بدقة وجعلهم يطلقون وسم "نرفض قانون الإرهاب" هو المراد بالجريمة الإرهابية، وأنها "كل فعل يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بشكل مباشر أو غير مباشر، يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية، أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه، أو التهديد بتنفيذ أعمال تؤدي إلى المقاصد المذكورة أو التحريض عليها"..
وخول النظام وزير الداخلية بالإفراج عن الموقوف أو المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة، وهذه الفقرة على مرونتها وانفتاحها على خيارات غير محدودة لم يتم التعليق عليها، لأن عدوهم رجال الأمن وحراسه الأوفياء، وسيطرتهم على الوطن ومقدراته مستحيلة دون المساس بخط الدفاع الأول، لذا ينبغي الوعي بخطورتهم والوقوف مع رجال أمننا البواسل في جميع القطاعات.
بنود القانون تضمنت رسالة مهمة لأعداء الوطن في الخارج والداخل، ترفضون القانون ونحن نرفضكم، جميعنا مستفيد من نظام مكافحة الإرهاب إلا المتكسب والمريد لإرهاب المجتمع وزعزعة أمنه بسفك الدماء وتخريب الوطن.. المفارقة أن من يحرسهم وهم يدونون حروفهم المسمومة المفخخة بفكرهم الإرهابي، هو نفسه من يكتبون دون كلل لحرمانه من حياته، ولحرمان أبنائه وأسرته منه.