من المؤكد أن الحديث عن تطوير قنوات التلفزيون السعودي عائد إلى الانفتاح الفضائي وكثرة القنوات المماثلة بشكل عام، ليأتي الحديث بعدها عن المقارنة، وخصوصا من أولئك الذين أدركوا الحقبة الماضية عندما كان التلفزيون السعودي عبارة عن قناتين فقط والمذيع أشهر من الوزير.
هناك فرق كبير بين القنوات الحكومية والخاصة، فالأخيرة تنظر للربح المادي من خلال الإعلان التجاري بالوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، وبالتالي تنعكس الأموال على مرتبات العاملين والتقنيات التلفزيونية وكذلك المضمون، فتلك عوامل جذب للمشاهد في حين أن القنوات الحكومية تتلقى الدعم المادي من الدولة، وإجراءاتها الإدارية الداخلية لا تختلف عن بقية المؤسسات الحكومية الأخرى.
الأمر الآخر أن القنوات الخاصة تستقطب المتخصصين أو الممارسين في المجال الإعلامي على أقل تقدير، سواء من الداخل أو الخارج، بينما مشكلة التلفزيونات الحكومية أنها تتعامل معهم على أنهم موظفون، والمشكلة الأكبر هنا أنه بدلا عن التطوير والبحث عن الأفضل؛ يقوم الموظف بتدريب نفسه بالبحث عن الدورات وورش العمل المتخصصة، والمصيبة الأعظم في هذا الجانب أنه وبعد تطوير ذاته وبروزه على الشاشة الحكومية ينتقل كلمح البصر إلى شاشات القنوات الخاصة.
بعد تأسيس هيئة الإذاعة والتلفزيون هناك تحركات ومحاولات جادة نحو الأفضل، ولكن علينا الصبر لنرى التطور الذي يقع بين الإعلام الحكومي الصرف والإعلام الخاص، وهنا على الهيئة استقطاب الكوادر الجديدة والمؤهلة وإعادة الكوادر التي خرجت للقنوات الأخرى، كما يجب عليهم التحرر من العمل الإداري الذي يعيق الإبداع، وإتاحة الفرصة للشباب في قيادة القنوات التلفزيونية السعودية كما هو قائم بشكل موقت في قناة الإخبارية.
التلفزيون الحكومي تجاوز مرحلة المرض والخطر، وهو الآن في مرحلة التأهيل بالعلاج الطبيعي ولكن هل يشفى تماما أم ينتكس؟ الإرادة هي التي تصنع الفرق هنا، ولكن أخشى أن تستمر حالة العلاج دون طب.