لا تكاد تخلو أي من المبادرات المتعلقة بتهدئة الأجواء بين طرفي الصراع في مصر ممثلين في مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضيه من الحديث عن رفع التجميد عن أموال قيادات التيار الإسلامي ممن شملهم قرار النائب العام المصري المستشار هشام بركات بتجميد أموالهم. وهو القرار الذي تبعه بمخاطبة أربع دول هي سويسرا وتركيا وبريطانيا وأميركا، لتجميد أموال تخص هذه الشخصيات التي يأتي في مقدمتها المرشد العام للجماعة محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، فضلاً عن عصام سلطان وأبو العلا ماضي ومحمد البلتاجي وعصام العريان ومهدي عاكف ومحمد سعد الكتاتني وعاصم عبد الماجد، وحازم صلاح أبو إسماعيل، وطارق الزمر وغيرهم. بداية تصف أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة صفاء خطاب القرار بأنه طبيعي، وتقول "التحفظ على أموال قيادات الإخوان المسلمين وبعض قيادات التيارات الإسلامية وتنظيم الجماعة الإسلامية هو إجراء طبيعي ومؤقت وهو مرهون بالتحقيقات التي تجريها النيابة مع هذه الشخصيات بخصوص أحداث العنف المختلفة، والأمر ليس تصفية حسابات كما يدعي البعض، لأنه لا يوجد من يمكنه أن ينكر الخطاب التحريضي الذي كان يصدره قيادات التيار الإسلامي، وهناك أدلة كثيرة على ذلك ومقاطع فيديو مصورة". وأضافت خطاب، أنه "إذا لم تثبت عليهم الاتهامات سيتم إطلاق سراحهم ورفع الحظر عن أموالهم، وكفانا العيش في نظرية المؤامرة خاصة وأن الحكومة الحالية أبدت ترحيبها بعودة التيار الإسلامي للمشاركة في الحياة السياسية ولخوض الانتخابات المختلفة إلا أن إصرارهم على الرفض هو نوع من التعنت السياسي الذي لن يصب في مصلحتهم ولا في مصلحة الوطن، فالتيار الإسلامي في مصر تيار كبير له أرضية في الشارع وأي إجراءات اتخذت في حقهم هي إجراءات مؤقتة وليست موقفاً لإقصائهم".
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة الدكتور مختار الشريف "صدور أحكام ضد قيادات الإخوان، وما يتبعه من تجميد لأموالهم، لن يكون له تأثير سريع في البورصة، وإنما سيكون هذا التأثير على المستوى البعيد، وفي قدر محدود، لأن هذه الشركات عائلية وليست مقيدة في سوق المال، وبالتالي سيكون التأثير كبيراً على أصحابها فقط، أما إذا كانت الشركات مقيدة في سوق المال، فسيكون التأثير كبيراً جداً وملحوظاً على البورصة، والحكم بالمصادرة يعطي انطباعاً سلبياً لدى المستثمرين، فإذا وجد المستثمر نجاحه مرهوناً باتفاقه مع النظام سياسياً أو اختلافه سيفكر مراراً قبل الاستثمار في مصر. بالإضافة إلى أنه على النظام الحالي أن لا يرتكب أخطاء الأنظمة السابقة وأن يفكر في الاقتصاد الذي هو على حافة الهاوية". في المقابل يقول الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لأكاديمية السادات الدكتور حمدي عبد العظيم "إغلاق الشركات التابعة لقيادات جماعة الإخوان يشكل كارثة للاقتصاد المصري والاقتصاد القومي في ظل تدهور الحياة الاقتصادية، بسبب الفقر والبطالة والارتفاع الجامح للأسعار، إضافة إلى الأساليب المدمرة كالخصخصة والسياسات النقدية والمالية والتجارية المتضاربة، وكلها عوامل تؤدي إلى إنهاء الاقتصاد، بالإضافة إلى أن إغلاق هذه الشركات يؤدي إلى تخوف الكثير من المستثمرين من الاستثمار داخل مصر بسبب الخوف من مصادرة أموالهم في أي لحظة، وهذا يؤدي إلى تدمير المناخ الاستثماري، حيث إن سوق المال يعكس حالة الاقتصاد ومناخ الاستثمار السائد والإجراءات والسياسات الضابطة لأدائه". وأضاف "مصادرة أموال الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك، وآخرين تعيد إلى الأذهان طريقة تعامل نظام الرئيس السابق حسني مبارك مع جماعة الإخوان".
ويشير الناشط الحقوقي مصطفى النبراوي إلى أن الأمر يخضع لما ورد في المادة 208 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه إذا قدرت النيابة العامة أن الأمر يقتضي اتخاذ تدابير تحفظية على أموال المتهم بما في ذلك منعه من التصرف فيها أو إدارتها وجب عليها أن تعرض الأمر على المحكمة الجنائية المختصة طالبة الحكم بذلك لتنفيذ ما عسى أن يقضي به من غرامة أو رد أو تعويض، وللنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتاً بمنع المتهم أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم أو إدارتها، ويجب أن يشتمل أمر المنع من الإدارة على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها ويجب العرض على المحكمة الجنائية المختصة خلال 7 أيام على الأكثر من تاريخ صدوره لطلب الحكم بالمنع من التصرف أو الإدارة؛ وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن ويمكن لصاحب الأمر التظلم أكثر من مرة بشأن التحفظ على الأموال، ما يعني أن أمر التحفظ ليس من السهولة بمكان".