عندما نتحدث عن الماضي وعن حياة الأجداد فإن الذاكرة تعود بنا إلى سنوات عدة وكل منا يتذكر كيف كانت الحياة القديمة في حلوها ومرها.
"الوطن" قامت بجولة في هجر محافظة العقيق بمنطقة الباحة للتعرف على بادية الباحة وكيف كانوا يقضون حياتهم في رمضان والتقت بكبار السن وعاشت معهم تلك الأيام التي تمثل في نظرهم الزمن النظيف.
وفي هجرة "الربوة" التي تبعد عن مركز كرا العقيق حوالي 20 كلم التقينا بالعم عايض 60 سنة وتحدث قائلا: كان زمننا قديما يختلف كثيرا عن وقتنا الحالي، إذ كنا نعاني المشقة والتعب في رمضان ولكن كان لهذا الشهر في زمننا حلاوة.
وأضاف أن الحياه قديما كانت صعبة في ظل عدم وجود وسائل النقل الحديثة ولا المساجد وكنا نستيقظ في الصباح الباكر ونرعى الأغنام بعيدا عن أهالينا ولا نعود إلا قبل صلاة المغرب بأوقات قليلة ونحن متعبون، وننتظر الأذان بفارغ الصبر، وعندما يحل وقت الأذان نتجمع نحن كعائله في بيت الشعر ونبدأ بالإفطار، مشيرا إلى أن الإفطار يحتوي على التمر وحليب الإبل و(الإقط) الذي يعد الوجبة الوحيدة.
وأردف قائلا: كان بجوار البيت مصلى نصلي فيه جميع الصلوات بما فيها التراويح والتهجد وما أن ننتهي من صلاة العشاء والتراويح حتى يعود كل منا إلى فراشه بعد التعب والجهد في النهار ونستيقظ الفجر ونصلي ونذهب بالأغنام كالعادة.
وفي هجرة "الراحة" التي تبعد عن محافظة العقيق حوالي 40 كلم التقينا بالعم جبار غالب 73 سنة والذي يلجأ إلى الخيمة، وقال كان يربطني ببيت الشعر ذكريات جميلة وحياتنا قديما ليست كالحاضر ولا نمتلك حينها سوى الخيمة والأغنام وكانت وسيلة النقل هي الدواب.
وأضاف أنه حين يحل علينا شهر رمضان نجتمع في الإفطار مع جيراننا ونستقبله وقلوبنا فرحة فكنا ننصب خيمتين خيمة للرجال وخيمة للنساء، وعندما يحل وقت صلاة المغرب نتجمع فيهما نحن والجيران الذين كانوا لا يتجاوزن خمسة عشر، وكل منا يأتي بالإفطار من منزله ونتجمع في سفرة واحدة، وعندما يدخل وقت صلاة العشاء نصلي وبعدها يذهب كل منا إلى خيمته وننام مبكرا حتى نقوم بأعمالنا في اليوم التالي بكل نشاط وحيوية.
ومن المواقف الطريفة التي مرت على العم جبار، قال مبتسما: كنت صغيرا في السن أنا وبعض من أولاد الجيران وفي يوم من الأيام وعندما حل وقت المغرب كنا من شدة التعب الإرهاق لا نستطيع حتى التحدث، فذهبنا مسرعين إلى مكان التجمع في الخيام فادعينا أن أذان المغرب بدأ وعندما بدؤوا بالأكل سمعوا المؤذن الذي كان على بعد مسافات منا، فنظروا إلينا فعلموا أننا كذبنا عليهم حينها أصروا علينا بأن لا نكمل الإفطار وربطونا بالحبال على جذع شجر السدر إلى حين صلاة الفجر عقابا لنا.