عنوان مقالي هذا هو الاسم الذي فوجئت به يعنونه الهاكر الذي قام باختراق حساباتي في مواقع التواصل الاجتماعي قبل عدة أسابيع.. كان ذلك إبان حملة 26 أكتوبر التى نادت بها عدد من النساء في بلادي.. وبغض النظر عن كل ما حدث خلال تلك الحملة أو لم يحدث!! لكن كل الذي يجب أن أوضحه، هو أنني ككثير من المواطنات السعوديات اللاتي يقفن مع حقهن في اختيار قيادة السيارة، فهو قرار يجب أن يكون اختياريا وليس إجباريا، وما تصريحات المسؤولين القديمة إلا إثبات أن القيادة حق لا يوجد ما ينص شرعا على تحريمه أو تجريمه، لكن يظل ما هو متعارف دوما وأبدا، وهو خوف المجتمعات البشرية من التغيير، وهذا ما يحرك كثيرا من أولئك الذين يرفضون أي جديد يحدث هنا أو هناك في وطني، ولا أنسى تلك الداعية التي حضرت يوما ما في إحدى الجامعات، وفتح لها منبر الجامعة لإلقاء محاضرة تتكلم فيها عن شؤون المرأة، وإذا بها تعرج إلى موضوع ضم الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى وزارة المعارف لتندمجا تحت مسمى وزارة التربية والتعليم، وكم المخاوف التي شملتها محاضرتها، حتى إنني شعرت معها وكل المستمعات أن الأرض ستنطبق على السماء من جراء هذا الاندماج، لكن ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة لم يحدث شيء واحد من مخاوفها وتوقعاتها.

عودة إلى الهاكر الذي نصب نفسه القاضي والجلاد، وكان يعمل على ابتزازي فكريا ومعنويا، من خلال طرح أسئلة فيما يخص انتمائي وتوجهي، اعتمادا على أن كل امرأة كاشفة الوجه هي امرأة علمانية أو ليبيرالية أو حتى بلا دين.. متناسيا أن أغلب نساء الأرض قاطبة من المسلمات هن من الكاشفات وجوهن، وإن أحدا لم يسألهن عن انتمائهن.. ولو حدث فلربما لم يعرفن الجواب؟؛ لأن الجواب بكل بساطة هو ردهن جميعا: إنهن مسلمات موحدات يشهدن ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

إن من يهكر حساباتك ويخترقها، وهو يحاول أن يضع الإسلام شعارا له وينادي به، يقوم على غفلة منك بالدخول إلى بريدك الإلكتروني، وصفحاتك الخاصة، وكشف عورتك، والتجسس على شؤونك الخاصة، سواء كانت رسائل أو صور أو مخاطبات رسمية أو حتى غير رسمية.. ويصول ويجول في بريدك الإلكتروني، وحين لا يجد شيئا قد يقوم بالافتراء والتلفيق والكذب وأفعال لا تقبلها الأخلاق الإنسانية، فكيف بالدين الإسلامي الذي نعرف قاعدة أساسية فيه وهي: "ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه" كل ذلك معللا بأنه يسهم في إخراس صوت ليبرالي على حد تعبيره، أو لنكون أكثر دقة صوتا مختلفا عنه، وهنا المصيبة الكبرى، وهي رفض وعدم قبول المختلفين.. قضية الصوت الواحد الذي يحجر ويمنع ويسكت كل الأصوات المختلفة عن صوته.

إن مبدأ رفض وعدم قبول أو التعايش مع الآخر المختلف، هو المبدأ الأخطر والأهم.. فحين يعجز الآخر على تقبل المختلفين أو استيعابهم وفهمهم، فهذه إشكالية يجب أن تُعالج، وإلا فإن نتائجها ستكون وخيمة على الجميع.

وليس خوفا من الهكر أو غيره، لكنني أقف في المنتصف، وحين أقع أنا أو غيري فريسة مافيا الهكر التي حدثت خلال تلك الفترة.. وبالرغم من عدم انتمائي إلى أي من التيارات المتصارعة في بلادي، ولا يعني ذلك أن أتخلى عن مسؤوليتي الوطنية في رفض أو قبول كل ما من شأنه التقدم والرقي لبلادي متى ما رأيت الصالح العام سيكون مع هذا أو ذاك من الأراء أو الأفكار التي تطرح؛ فإنني أتساءل: هل يجب أن نخرس أو نصمت أو لا نعبر عن أرائنا؟ ومن يغذي في هؤلاء تغليب مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"؟ لصالح من مافيا الهكر التي حدثت، وتم خلالها تهكير حسابات عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي؟ ومتى يكون لدينا جو صحي وطبيعي نقبل به كل الآراء المختلفة؟

بلا شك إن عقلاء وقادة كل تيار ينبغي عليهم نقد التيار ذاته، الذي ينتمون إليه متى ما حدثت أخطاء، وعدم تبني وجهة نظر التيار حتى لو كانت على خطأ في تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.. لكن للأسف فوضى عارمة تدور في الأفق، والمهم هو بقاؤهم هم الأقوى في صراع سيأكل الأخضر واليابس إذا استمر على هذا المنوال وعلى هذا النمط، كما هو حادث في مواقع التواصل الاجتماعي.

في الختام: كلي ثقة بأبناء وطني.. وكلي إيمان بأن القادم أجمل.. إذا حكم العقلاء عقلهم لصالح الوطن.