تتسارع الجهود المبذولة لإبرام تسوية سياسية شاملة، تضع حداً للأزمة السياسية في مصر وتنهي كافة مظاهر الاستقطاب والاعتصام والتظاهر، التي أضرت بالاقتصاد المصري وأعاقت دوران عجلة الإنتاج. ويلاحظ المراقبون أن المناخ السياسي الذي كان سائداً في المرحلة التي تلت قرارات الثالث من يوليو الماضي والتي اتسمت بالتشدد والتصلب في المواقف قد تبدلت الآن بعد وصول الجميع إلى قناعة بأن تلك المواقف لن تؤدي إلى إحداث انفراجة في الموقف، ولن تسفر عن أي تقدم يساعد على عودة الأمور إلى طبيعتها.

وفي هذا الصدد قال مصدر عسكري رفيع المستوى أمس، إن الجيش والحكومة في مصر سيعرضان تسوية على جماعة الإخوان المسلمين للقبول بالأمر الواقع وإنهاء كافة مظاهر الاعتصام والكف عن دفع الأمور نحو المواجهة التي لن تؤدي بالتأكيد إلا لمزيد من العنف المتبادل. وأضاف المصدر - الذي رفض الكشف عن اسمه - في تصريحات صحفية، أن التسوية تشمل الإفراج عن بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من السجون، وفك تجميد الأصول المالية للجماعة ومنحها 3 مناصب وزارية، مع التعهد بالسماح لها بممارسة العمل السياسي مستقبلاً وعدم حظرها أو التضييق على حزب الحرية والعدالة التابع لها. كما سيسمح للجماعة بإعادة فتح مكاتبها التي أغلقت بعد الثالث من يوليو وتوفيق أوضاعها لخوض الانتخابات القادمة. وأضاف "سنقوم قريباً بطرح المبادرة حتى تنتهي الأزمة ويقتنع الإخوان بإنهاء اعتصامهم". بدوره، أكد مصدر سياسي مطلع تفاصيل الاقتراح. وقال إن الحكومة ستتبنى المقترح وتقوم بعرضه قريباً على المعتصمين.

ويشير مراقبون مطلعون إلى أن الحكومة المصرية سمحت للوسطاء الدوليين وفي مقدمتهم مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز، ومندوب الاتحاد الأوروبي برناردو ليون، ووزير الخارجية القطري خالد العطية، ونظيره الإماراتي عبدالله بن زايد، بالعمل على إيجاد تسوية سلمية مقنعة للإسلاميين، الذين ما زالوا يصرون على موقفهم الرافض للدخول في أي حوار قبل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الثالث من يوليو الماضي وإعادة مرسي إلى الحكم، وهو المطلب الذي عمل كثير من الوسطاء على إقناع الإخوان باستحالة تنفيذه، وتأكيد أن عجلة الزمان لن تعود إلى الوراء، وأن فترة تولي الرئيس المعزول محمد مرسي، صفحة طويت للأبد في تاريخ مصر. وقال المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد، في تصريحات صحفية أمس إن جماعته "تعرضت لضغوط مكثفة لتقبل بأن تغيراً قد حدث، وإن عليها السعي لأن تتعافى بأقل قدر من الخسائر. وقد رفضنا ذلك ولا يوجد حتى الآن اتفاق بشأن كيفية بدء محادثات". وتابع "لا نزال نتمسك بأن الأساس يجب أن تكون الشرعية الدستورية للدولة التي نعمل على استعادتها".

وكان الوفد الرباعي قد زار أمس نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، الذي ينظر إليه على نطاق واسع بأنه الممسك حقيقة بكل الأوراق داخل الجماعة، وأنه صاحب القرار الحقيقي والنهائي، إلا أن الأخبار التي رشحت عن بعض النافذين في الجماعة – ومع عدم وجود تصريح رسمي عن المقابلة – أفادت بأنه رفض الخوض في أية تفاصيل، مشيراً إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسي هو صاحب القرار، وهو الشخص الذي يتوجب على المبعوثين الدوليين التحاور معه. وبررت المصادر هذا الموقف بخشية الجماعة من أن يكون اللقاء فخاً لنزع الشرعية عن مرسي، وإضعاف دوره وإظهاره بمظهر الشخص الذي لا يملك من الأمر شيئاً.

ويبدو أن من أكبر العقبات التي ستواجه جهود الوساطة هو مصير الرئيس المعزول الذي يواجه غضباً شعبياً واسعاً. وكانت تقارير قد تحدثت عن احتمال أن يعرض عليه السفر خارج البلاد لأية دولة عربية يختارها، وهو ما لا يبدو أن الجماعة ستقبل به.

إلا إذا اقتنعت جميع الأطراف بضرورة تقديم تنازلات حقيقية من أجل الخروج بالبلاد من النفق الذي تمر به، وإعادة الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى، وهو ما يصر المجتمع الدولي على تحقيقه بأسرع فرصة ممكنة.


تفاصيل مقترح الوساطة الحكومية:

الإفراج عن بعض أعضاء الجماعة وإنهاء تجميد أصولها المالية.

السماح للإخوان بتوفيق أوضاعهم وخوض الانتخابات المقبلة.

3 مقاعد وزارية في تشكيلة الحكومة الحالية وعدم حظرهم سياسيا.