حين سئل معالي وزير الشؤون الإسلامية في الزميلة الشرق الأوسط عما إذا كانت الوزارة قد ضبطت أياً من المنسوبين إليها، وعاظاً كانوا أو خطباء، في دفاتر الغلو والتحريض على الأفكار المتشددة، أجاب معاليه إجابة حاسمة لم تحتمل أكثر من ثلاث كلمات: لم تسجل لدينا حالة. وبالطبع هي أسئلة وأجوبة النفي التي نسمعها من كل مكان، من الجامعات التي تنفي بشدة تورط منسوبيها، أساتذة وطلاباً، في مسائل الغلو. من وزارة التربية والتعليم التي ترفض اتهامها، منهجاً أو طلاباً في خلايا الإرهاب. من هيئة الأمر بالمعروف، مثلما يأتي النفي من جمعيات تحفيظ القرآن والجمعيات الأهلية الخيرية. كل حدب وصوب، كل منظمة أو هيئة أو وزارة تنفي تغلغل هذه الأفكار وترمي بتهمتها على المروجين والمرجفين الذين يحاولون إلصاق هذه التهمة.

السؤال: إذا ما استمرأنا أسطوانة النفي فمن أين جاءت كل هذه الأفكار المشوشة التي ضربت مجتمعنا وكيف نفسر منابع هذه الظاهرة؟ إذا كانت كل قرية وكل حي وكل مدرسة تعرف على الأقل اسماً من حولها دار في فلك هذه الشبهة، فكيف ومن أين وصلت هذه الأسماء وكيف اخترقتنا هذه الأفكار المميتة؟ إذا كان البلد يعج بلجان المناصحة وكانت منابره تحاول تصحيح هذه الأفكار فمن يصححون وأي أفكار يحاربون إذا كان الجميع ينفي وجود الخلل في مكانه؟ إذا كانت المدارس والجامعات والمناهج تخضع لبرامج توعية وتصحيح مفاهيم فلماذا هذه التوعية ولمن يكون هذا التصحيح إذا كان الجميع شاشة نظيفة بيضاء من هذه الأفكار ومن الاتهامات بتلك الشبه؟ إذا كان الإعلام يعج بهذا الحراك فمن أين جاءت قوائم المطلوبين أمنياً ولمن فتحت محاضر التحقيق ولأجل من كان الانشغال الوطني بملاحقة هذه الخلايا؟ هؤلاء لم ينزلوا الأرض على أطباق طائرة.