منذ أن أعلن الجيش المصري عزله الرئيس السابق محمد مرسي وكشف عن خارطة طريق لاستعادة الديمقراطية، فقد أولى الاتحاد الإفريقي الأمر أهمية بالغة، بدأت من إعلانه تعليق عضوية مصر. وأعلنت مفوضية الاتحاد في بيان أن هذا القرار ليس هو نهاية المطاف بالنسبة لها، بل ستعمل على تقصي الحقائق حتى تصل للقرار السليم، وأنها ستبذل جهودها للوساطة بين الفرقاء المصريين للوصول إلى حلول وسطى ترضي كافة الأطراف، مشددة على أهمية دور مصر الطليعي والرائد طوال مسيرة الاتحاد.

وتعليقاً على القرار قال وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المستشار أمين المهدي إن المواثيق الأفريقية التي استند إليها القرار والمتعلقة بالتغيير غير الدستوري للحكومات لا تنطبق على ما يحدث في مصر، لاسيما أن دور القوات المسلحة قد اقتصر على توفير الحماية لملايين المواطنين السلميين والحيلولة دون وقوع صدامات كان من الممكن أن تؤدي لاحتمالات كارثية لانسداد أي أفق سياسي لتسوية الأزمة أو الاستجابة لإرادة الشعب". وبين أن دور القوات المسلحة جاء متجاوباً مع مطلب شعبي عارم بهدف نقل السلطة إلى رئيس مدني مؤقت، وفقاً لخارطة طريق ليس للقوات المسلحة أي دور سياسي فيها، مشيراً إلى أنه تم التوافق حول عناصرها بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية لإجراء الاستفتاء على دستور معدل وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في مدى زمني لا يتجاوز 9 أشهر ودون إقصاء لأي فصيل سياسي. ولفت البيان إلى أن مصر رفضت المنتدى التشاوري الدولي الذي دعا إلى إنشائه قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي دون حضور مصر، وهو ما وافقت عليه مؤخراً معظم الدول الإفريقية، وتم صرف النظر عن عقد المنتدى التشاوري في الوقت الراهن طبقا للرؤية المصرية.

ومع بداية الأسبوع الماضي وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة وفد من حكماء إفريقيا برئاسة رئيس مالي السابق ألفا عمر كوناري، حيث التقى بالعديد من المسؤولين المصريين. وكان لافتاً الأهمية التي أولتها السلطات المصرية لزيارة الوفد وسعيها للتجاوب معه وإيضاح الحقائق له، ويتجلى ذلك في السماح للوفد بمقابلة الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو ما لم تسمح به السلطات لاحقاً لوزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيلة الذي زار القاهرة أول من أمس. ويعزو البعض الاهتمام والتقدير الذي أولته السلطات المصرية للوفد الإفريقي إلى عزمها في الانفتاح على القارة السمراء مستقبلاً، ورغبتها في حشد أكبر عدد من الداعمين الأفارقة لقضيتها الرئيسية المتمثلة في مياه النيل، لاسيما مع شروع إثيوبيا في بناء سد النهضة التي رأت السلطات المصرية أنه يهدد مصالحها بشكل مباشر. وعقب اللقاء عقد الوفد مؤتمراً صحفياً دعا فيه جميع الأطراف في مصر إلى الحوار لحل المشكلات القائمة وعدم اللجوء إلى العنف أو الإقصاء أو التهميش لأي طرف من أطراف العملية السياسية.

وأضاف كوناري أنهم تمكنوا من لقاء كل الأطراف والأحزاب، ولم توضع أمامهم أي شروط مسبقة للقاء أحد. ورفض الحديث عما دار في لقائه مع الرئيس المعزول محمد مرسي، مشيراً إلى أن المهم في الفترة الحالية هو الابتعاد عن العنف وأن يكون هناك حوار حقيقي يخرج البلاد من أي أزمة. وعما إذا كان الوفد يحمل مبادرة لحل الأزمة في مصر، أجاب بأنه ليست هناك مبادرات من الاتحاد الأفريقي، وأن مهمة الوفد هي أن يستمع لكل الأطراف قبل تقديم تقريره للاتحاد. وحول رأيه فيما حدث في مصر في 30 يونيو، وما إذا كان يعده انقلاباً عسكرياً أم ثورة شعبية قال "جئنا لكي نلتقي بكل الأطراف ونشجعهم على الحوار وأن يبتعد الجميع عن العنف".

وكان رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي قد التقى الثلاثاء الماضي بالوفد وأطلعه على تطورات الأوضاع في مصر منذ قيام ثورة 30 يونيو، مؤكداً أن ما حدث في مصر هو ثورة شعبية شاركت فيها جموع غفيرة من المصريين للمطالبة بالتغيير، مما أثمر عن وضع خارطة الطريق للمرحلة القادمة. واستعرض الببلاوي الخطوات والإجراءات التي تمت منذ بدء تطبيق خارطة الطريق وحتى الآن، منوهاً بأن الحكومة الانتقالية تبذل قصارى جهدها لتهيئة البيئة السياسية والاقتصادية في مصر. ورد كوناري بأن الشأن الداخلي المصري يقرره شعب مصر، مبيناً أن مهمة الوفد الأفريقي هي تكوين تصور واقعي وموضوعي حول حقيقة الأوضاع.

وفي ختام زيارته التقى الوفد بالأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي الذي أكد أن موقف الجامعة هو تأكيد أن ما يحدث هو استجابة الجيش لثورة شعبية تطالب بتغير النظام في مصر وليس انقلاباً عسكرياً كما فهمه الاتحاد الأفريقي وقام بتعليق عضوية مصر في الاتحاد. وطلب العربي من الوفد أن يسهم في تغيير موقف الاتحاد من مصر وفق الرؤية التي سيصل إليها خلال هذه الزيارة. كما استعرض الوفد مع الأمين العام اللقاءات التي أجراها مع المسؤولين في مصر، مشدِّداً على ضرورة وقف العنف والاتجاه إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة.