غيّبت الهموم ومشاهد الموت التي يعيشها الشعب السوري في بلادهم فرحة الأجواء الرمضانية عن العديد من أبنائهم المقيمين بالمملكة، بعدما ألقت مظاهر الخوف والقتل اليومية التي يعيشها أهاليهم في مخيمات اللجوء أو النزوح على أطراف المدن أو الحدود بظلالها على موائدهم وطقوس الإفطار، مكتفين بالدعوة والتمني بأن يعيد الله الحياة والأمان لذويهم في سورية مثلما يشعرون به في المملكة.
ويروي العديد من السوريين قصصا مأساوية ومحزنة عن أوضاع أهاليهم، وكيف أنهم يحملون على عاتقهم مسؤوليات مالية كبيرة لتوفير السيولة لأسرهم هناك.يقول المهندس توفيق الحبال الذي يعمل بالمملكة منذ 10 سنوات ويعيش مع زوجته و4 أبناء إن الأوضاع السورية تنعكس على يوميات رمضان وطقوسه بين جميع العائلات، معرباً عن أمله في عودة الأمان إلى بلادهم حتى يتسنى لهم أن يحظوا بطقوس رمضانية وأجواء روحانية، وقال إن الأجواء الرمضانية في سورية سيئة جدا لانعدام الأمان فيها وإن جميع الأهالي داخل وخارج سورية يشعرون بالخوف والحزن.
وأضاف الحبال أن الأزمة السورية جعلت عملة البلاد تنخفض قيمتها مما ترتب عليها تضخم مالي وحاجة كبيرة للسيولة، وجعل المغتربين السوريين يتحملون مسؤوليات مالية مضاعفة تجاه أهاليهم.وتحدث الحبال عن تأثير المدة التي قضاها بالمملكة وانعكاسها على مائدة الإفطار وأجوائه الرمضانية، وقال إن مائدته باتت تحتوي على المأكولات السعودية التراثية مثل أنواع الشوربه والسمبوسه والسوبيا، ولكنها لا تخلو من الأصناف السورية المحببة لديهم مثل الفتوش والفول على الطريقة السورية، مبيناً أن الأجواء الدينية في المملكة مريحة جدا، فهناك احترام لأوقات الصلاة أثناء العمل سواء التراويح والقيام، فضلاً عن أنه اكتسب العديد من العادات السعودية وطريقة الإفطار، منها أن تحتوي السفرة الأولى على مأكولات خفيفة على أن تجهز بعد صلاة المغرب السفرة الثانية.
فارس الفارس وهو مقيم سوري يعمل مدير إمداد في إحدى الشركات، يقول إن الأمل بعودة الأوضاع لسابق عهدها يتضاءل سنة بعد أخرى، بل إنهم فقدوا حالياً ما كانوا يشعرون به خلال شهر رمضان الماضي، مؤكداً أن الأوضاع التي تعيشها بلادهم انعكست نفسياً على الأسر المقيمة في المملكة لدرجة الإحباط بشأن إمكانية العودة للوطن مرة أخرى.
ويضيف الفارس أنه يفتقد طقوس الإفطار مع أسرته والعائلة التي اعتاد عليها في سورية في شهر رمضان، إلا أن الأجواء الرمضانية في المملكة مريحة وتتيح له بسهولة أداء العمرة وصلاة التراويح مما يخفف عنه معاناة أهله في الخارج.
من جانبها، تنعى أم مازن أيام رمضان الماضية في سورية مع أسرتها قبل أن تتزوج وتنتقل للعيش بالمملكة، وتقول إنها تحاول يوميا الاتصال بأسرتها دون جدوى في أغلب الأحيان، إلا أنها في حالات نادرة تطمئن عليها.