كل حالة الرعب الثقافي التي عاشها محبو اللغة العربية منذ قرن وصلت إلى العدم، قصيدة حافظ المعروفة تحولت لفلكلور.. أنجزت الفضائيات الكارتونية العربية التي تبث على مدار الساعة ما عجزت عنه كل مجامع اللغة العربية المختلفة بكل حملاتها ونداءاتها للحكومات للحفاظ على العربية من الاندثار.. أصبح الأطفال الذين لم يلجوا المدارس بعد، يتحدثون العربية الفصحى بسلاسة بحكم تأثرهم بما يشاهدون، ولن تندهش إن فاجأك طفلك الصغير بمفردة غائرة من عمق التراث اللغوي العربي وأنت تحاول ملاطفته بأبوة.
حولت الفضائيات الكارتونية العربية أطفالنا إلى معاجم متحركة بملامح شديدة البراءة، طبعتهم التجربة والتأثر، لذا فمن حقنا أن نلقي بكل توصيات مجامع اللغة العربية إلى مخازن التأريخ، وندرك أن الأمور لا تبدو دوما كما تصور.. مشاريع تجارية بسيطة صنعت الفارق وغرست في أذهان أطفالنا وعقولهم لغتهم الأم، بعيدا عن كل مراكز دراسات اللغة وتوصياتها التي لا يقرؤها أحد.. منجز ثقافي لافت وجدير بالدراسة ونتائجه مبهرة.. مزجت تلك القنوات المتعة بالصورة المتقنة البهيجة القريبة لروح البراءة مع لغة عربية سليمة مبسطة، فحققت ما يمكن لكم جميعا أن تلمسوه في بيوتكم وخلال محادثة قصيرة مع أطفالكم في جلسة صفاء عائلية. أنقذت "العولمة" ومنتجاتها وعاء ثقافيا كاللغة العربية وأوصلته بسهولة للأجيال الجديدة، العولمة التي كانت رعبا ثقافيا وغولا سيلتهم كل الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والحضارية لشعوب العالم ووجهت لها وقتها، كل التهم الشنيعة، وانشغلت المجامع اللغوية في تعريب تفاصيلها ومنتجاتها حتى كاد يتحول "فيس بوك" إلى "وجه الكتاب"، و"تويتر" إلى "المزقزق"، و"اللاب توب" إلى "المخبر القممي"، والـ"كيك" إلى "الراكل"، بعد أن تحول "البنكرياس" قبله إلى "المعثكلة"، والتلفزيون لـ"مرناة"، والفاكس لـ"ناسوخ".. أثبتت مسلسلات "كارتونية" بسيطة فعاليتها بمواجهة كل مجمعات اللغة، عفوا هل قلت "كارتونية" سهوا؟.. أعتذر، لأنني قصدت "رسوم".