أدى تزامن شهر رمضان الكريم مع فصل الصيف، إلى استقرار البدو الرحل في شمال المملكة مؤقتا بالهجر والأرياف المتاخمة لصحراء النفود تفاديا لمشاق الصوم، في صورة تعكس توقفهم وقتياً عما اعتادوا عليه من السكن في بيوت شعر وسط "سموم" الصحراء، واللجوء إلى الغرف المكيفة طوال رمضان، حتى إنهم باعوا مواشيهم لتأمين السكن.
ويختار "البدو" الاستراحات الزراعية لاستئجارها طوال شهر رمضان، والإبقاء على مواشيهم في الصحراء، حيث يخرجون إليها في المساء حاملين الماء والعلف، فيما ساهمت هذه الهجرة المؤقتة أيضا في استقرار دائم لبعض البدو في أوقات مضت، إذ رصد خلال السنوات الماضية اختيار البعض منهم البقاء على الترحال.
من جهته أكد رئيس لجنة التنمية الاجتماعية في جبه سعيد السحيمان لـ"الوطن" أن الهجرة بدأت مع تزامن فصل الصيف مع شهر رمضان، مضيفاً أن اختيار أرباب أسر البدو للاستقرار المؤقت للصوم دون مشقة على عائلاتهم يأتي بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز 40 مئوية.
وبين رئيس لجنة التنمية الاجتماعية في جبه سعيد السحيمان، أن البدو عادة ما يختارون المناطق السكنية القريبة من صحراء النفود، ومنها مدينة جبه وقناء، مضيفاً أن البدو خلال هجرتهم هذه يضطرون إلى دفع مصاريف إضافية نظرا لارتفاع أسعار الإيجار الذي يصل في متوسطه إلى ألفي ريال للشهر الواحد.
وذكر سعيد فريح السحيمان أنه رصد العام الماضي حالات هجرة كاملة لبعض أبناء البادية بعد شهر رمضان إثر استقرارهم ولم يعودوا لحياتهم السابقة في الصحراء، مضيفاً أن ذلك أربكهم اقتصاديا واجتماعيا، بعد تخليهم عن مهنة تربية المواشي في ظل الصعوبات التي تعتريها، واضطرارهم إلى دفع مصاريف جديدة منها السكن والكهرباء، مما جعل هذه الأسر عبئا على المؤسسات والجمعيات الخيرية.
إلى ذلك، قال ضاري عقيل الشمري أحد البدو الرحل إنه يلجأ سنويا إلى الاستقرار في إحدى القرى القريبة منه قبل دخول شهر رمضان بأيام معدودة، للتخفيف على أسرته من مشقة الصوم، باستبدال بيت الشعر وسموم الصحراء بغرف مكيفة، تقيهم حرارة الشمس، طوال 15 ساعة، إضافة إلى القرب من المسجد لأداء الصلوات.
وأوضح الشمري أنه يسكن هو وعائلته المكونة من 9 أفراد في غرفتين ومطبخ، فيما أبقى بيت الشعر، والمواشي في الصحراء على أن يعود إليها بعد الأفطار، إذ يحمل لها الماء والعلف ويمكث معها حتى وقت السحور، مشيراًَ إلى أنه يعود مجددا إلى البادية مع نهاية رمضان.
كما أكد الشمري أن جميع معارفه من البدو يلجؤون إلى الاستقرار في القرى والهجر خلال رمضان، مشيراً إلى أن من لا يستطيع الحجز باكراً لا يحصل على سكن قريب من موقع بيت الشعر ومواشيه.