كان هناك تخوف لدى كثير من أفراد المجتمع بشكل عام، ورجال الأعمال، وأصحاب المؤسسات على وجه الخصوص من الآثار السلبية لحملة تصحيح وضع العمالة غير النظامية، ويكمن هذا التخوف أن كثيرا من الأعمال، والمشروعات ستتوقف، وأغلب المحلات الحيوية، والتجارية ستظل مقفلة لفترات طويلة، وكثيرا من المدن الصناعية ستغلق بالكامل نظرا لمغادرة أعداد كبيرة من العمالة في أثناء فترتي التصحيح التي تم منحهما لهم، ولكفلائهم لتصحيح أوضاع بعضهم، ومغادرة المجهول منهم ممن تسلل إلى المملكة، وحقيقة الأمر أن هذا التخوف لم يكن في محله، فأغلب مشروعاتنا مستمرة ولله الحمد ولم تتوقف، بل رجعت الأيدي العاملة إلى مزاولة مهنها التي قدمت من أجلها، وبمتابعة من الأشخاص المسؤولين عنها بشكل مباشر (أصحاب المؤسسات، والشركات)، ولم يكن هناك تأثير على الأنشطة المختلفة بالدرجة التي كان يتوقعها البعض، وما حدث فعليا كان عكس هذه التوقعات.
ولقد نتج عن هذه الحملة التصحيحية العديد من الإيجابيات التي لم يدركها البعض في مختلف المجالات، وكانت هذه النتائج ملموسة بشكل كبير في عدد من المجالات مثل المجال الأمني، والاقتصادي، ومجالات أخرى مختلفة؛ ففي المجال الأمني كان هناك انخفاض في عدد المشكلات الأمنية التي كانت العمالة طرفا فيها مثل القضايا الجنائية، والسرقات، والاختلاس، والحوادث المرورية، والخلافات التي تتم مع العمالة المخالفة، وما يترتب عليها من قضايا، ومنازعات، وشكاوى لدى الجهات الأمنية، وغيرها من الجوانب، وانخفض عدد العمال الذين يهربون من العمل عند مؤسساتهم، أو شركاتهم، وأدى ذلك إلى انخفاض عدد بلاغات هروب العمالة بعد حملة التصحيح، وما يترتب عليها من جهود سواء في البحث عن الهاربين، أو في إنهاء إجراءات من يتم القبض عليهم من المبلغ بهم، أو عمليات حجز المجهولين، أو الهاربين، وترحيلهم، أما الجوانب الاقتصادية فقد شهدت العديد من الإيجابيات حيث شهدت المنتجات الزراعية انخفاضا في الأسعار بشكل ملحوظ؛ حيث كان هناك انخفاض وصل إلى 30? في سعر الطماطم، فقد كانت العمالة المخالفة مسيطرة على أسواق الخضار وتتحكم في الأسعار، وبعد مغادرتها للأسواق رجعت الأسعار إلى مستواها الحقيقي، وكانت العمالة في أسواق الخضار تعمد إلى مضايقة السعوديين الراغبين في العمل في هذا المجال من خلال رفع الأسعار واحتكارها بالتعاون مع العمالة التي تعمل في المزارع، وتسوق المنتجات الزراعية، وبعد تنفيذ هذه الحملة كان هناك اختفاء للعمالة المخالفة من الأسواق وغيرها من المحلات، فبعضها رجع إلى كفيله للعمل في المجال الذي قدم من أجله، والمقيم بصفة غير نظامية تم ترحيله، وبدأنا نلاحظ ظهور السعوديين في أسواق الخضار، وهذه الحملة أسهمت في تحقيق أهداف سعودة أسواق الخضار ولو بشكل جزئي، وما يحتاجه المواطنون في هذا المجال هو مساعدتهم من حيث تحديد أسعار المحلات المخصصة لبيع الخضار وعدم المبالغة في إيجاراتها، وتشجيعهم من خلال التعامل معهم بشكل مباشر والشراء منهم، وهناك جانب آخر أسهمت الحملة في تعزيزه في المجال الاقتصادي هو أن أصحاب المؤسسات اتجهوا إلى متابعة مؤسساتهم وأنشطتها بشكل مباشر بعد ما كان العمال هم من يقومون بهذا الدور، وأصبح العائد المالي من عقود مؤسساتهم لهم مباشرة بدلا من استيلاء العمال عليه، وهنا أطالب جميع المواطنين ممن لديهم أعمال، أو مشروعات تتطلب عمالة ألا تتعامل مع العمالة بشكل مباشر، بل من خلال عقود مباشرة مع أصحاب المؤسسات؛ لأن ذلك يسهم في تحقيق حملة التصحيح لأهدافها، وهناك جانب آخر تحقق كنتيجة لحملة التصحيح وهو توافر عدد كبير من الوحدات السكنية بعد مغادرة العديد من العمالة وصاحب ذلك انخفاض يسير في أسعار الوحدات السكنية خاصة في المدن الكبيرة.
وحقيقة الأمر أن من كان وراء الآراء بتأثر الجوانب الاقتصادية نتيجة لحملة التصحيح هم فئة محدودة من أصحاب المؤسسات الذين ليس لهم من مؤسساتهم إلا الاسم، ونسبة ضئيلة من الدخل عبارة عن مبالغ زهيدة فقط يعطيهم إياها العمال، كما استفاد أصحاب المؤسسات والشركات من حملة التصحيح من خلال مساعدتهم في عودة عمالتهم الهاربة منهم، وأصبح لديهم القدرة على ضبط تواجدهم، وعملهم، وإجازاتهم، وخروجهم، وغير ذلك من الجوانب، ومن نتائج حملة التصحيح أيضا القضاء على تجمعات العمالة في أماكن معينة في مدننا، ومحافظاتنا وبشكل غير حضاري بحثا عن عمل، وهنا أرى أنه ما زالت هناك نسبة لا يستهان بها من العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة مختفية في أماكن سكنها، ولا تظهر في الأماكن العامة، وتترقب ماذا يحدث في المستقبل، ومدى استمرار حملة التصحيح لفترة من الزمن، وهنا أرى ضرورة استمرار حملة التصحيح بالحماس، والحزم نفسه، وعدم التهاون في هذا المجال وبشكل مستمر، وغير منقطع؛ لأنه في حالة توقف الحملة ستعود الأمور إلى وضعها الأول، كما أن الجميع شركاء في حملة التصحيح، ولا بد أن نعمل مع الجهات الأمنية لتصحيح الوضع في وطننا حفظ الله هذا الكيان، وقادته، وشعبه من كل سوء ومكروه.