وسط حالة الانسداد السياسي الذي تعاني منه مصر منذ رحيل الرئيس المعزول محمد مرسي عن السلطة في الثالث من يوليو الماضي، ظهرت على الساحة السياسية حركة جديدة تحمل اسم "الميدان الثالث" تحاول خلق حالة وسطية بين المؤيدين والمعارضين لعزل مرسي. وطالما كان الطرف الثالث موجوداً في كل الأوقات، حيث مثلته خلال الفترة التي تلت ثورة يناير ما كانت تسمى بالأغلبية الصامتة، إلا أن شدة حالة الاستقطاب التي تشهدها مصر حالياً جعلت الأمر مقصوراً على طرفي المعادلة السياسية، الإخوان المسلمين وخصومهم.

يقول شادي جلال منسق الحركة التي تم تدشينها الجمعة الماضية: "نسعى لإيجاد حالة وسطية بين المؤيدين والمعارضين، وخصوصا وسط تلك الحالة من التشدد وانسداد الأفق السياسي، ونحاول تقديم حلول للأزمة السياسية الحالية، ونعتمد في الأساس على مجموعة من الشباب الذين يحاولون بقدر الإمكان النقاش مع الجانين للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف". ونفى جلال انتماء الحركة إلى جماعة الإخوان المسلمين، رافضاً الاتهامات التي وجهت لها بأنها خرجت من رحم الإخوان دون الإعلان عن ذلك، مضيفاً "الحركة تعمل في النور، والجميع يراها في الشوارع المحيطة بميدان أبوالهول، كما نقوم بعرض مطالبنا في النور، ولكننا بالفعل نرفض حكم المرشد بكل مساوئه، وكذلك حكم العسكر الذي يتحكم في زمام الأمور منذ 60 عاماً، وهناك بالفعل من يصر على أننا جزء من جماعة الإخوان، وسيستمر في هذا التصور لأنه لا يرى سوى وجهة نظره، وفى نهاية الأمر نحن نعمل لصالح هذا البلد، ونريد أن يكون هناك حل للأزمة الحالية، والشباب المشاركون في حركة الميدان الثالث، ينتمون إلى جميع الأحزاب السياسية وليس لنا توجه سياسي واحد، ونحن نشبه فكرة تمرد والتي انضم لها شباب من جميع التيارات السياسية، كما أن أغلب الشباب المشاركين في الحركة شاركوا في تظاهرات 30 يونيو وهذا ما يؤكد بعد الحركة عن الإخوان". وختم بقوله: "الحركة تعمل بمبادئ ثورة 25 يناير وترى أنه لا بديل عن تحقيق أهداف تلك الثورة، كما أن هدفها خلال الفترة القادمة التوصل إلى حلول سياسية بالتشاور مع العديد من الأطراف".

من جانبه، يقول المهندس طارق إسماعيل الذي شارك في تأسيس الحركة: "مصر اليوم بين خيارين سيئين، فهناك جيش يقتل بدون سبب، وعلى الجانب الآخر هناك حركة إسلامية متعصبة تريد دولة دينية، أما نحن فنحاول أن نؤسس صوتاً جديداً، نعتبر أنفسنا الورثة الحقيقيين لثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في 2011 بعد 30 عاما من حكم استبدادي لمصر، وبالتالي فنحن نرفع صورا لمرسي والسيسي عليها علامة خطأ، ونرفع لافتات كتب عليها (يسقط كل من خان.. عسكري أو إخوان)، وتطالب بدولة مدنية". ويشدد إسماعيل على أن أعضاء الحركة الذين يتخذون من ميدان أبوالهول بمنطقة المهندسين الواقعة غرب القاهرة ساحة لوقفاتهم، خلقوا فضاءً يعبر عن الموقف الأصلي للثورة ويتم فيه تذكر تلك القيم، وهم يحافظون بذلك على استمرار الشرارة، وحتى الآن لا تصل رسالتهم للجمهور بسبب الأعداد الكبيرة في المعسكرين المتعارضين".

بالمقابل يقول القيادي بحزب "الكرامة" عبدالعزيز الحسيني إنه لا يستطيع أن يتدخل في النوايا ولكن تصريحات الإخوان الأخيرة تدل على أنهم يريدون طمس الهوية المصرية، والعودة بها إلى ما قبل أيام محمد علي، وبذلك فهم يميلون إلى معاداة كل الفترات السياسية الماضية، منذ عهد التركية وحتى فترة الرئيس السابق حسني مبارك. بالتالي فإن جميع المصريين بمختلف انتماءاتهم ضد جماعة الإخوان المسلمين ولا يوجد من يؤيدهم سوى أنصارهم. كما أستبعد أن يكون هناك من يعارض ما يفعله الجيش حالياً مع جماعة الإخوان من خارج الجماعة. وأبدى الحسيني رفضه لمصطلح "حكم العسكر"، مشيرا إلى أنه يطلق على المحتل ولا يجوز أن يطلق على الجيش الوطني الذي حرر الأرض المصرية. وأضاف ولكن في النهاية أيضا لا يمكننا أن نتصالح مع فاسد أو قاتل، بالإضافة إلى أن الجزء الأكبر من الشعب المصري يؤيد ثورة 25 يناير و30 يونيو، كما أن أصحاب الميدان الثالث كما يطلقون على أنفسهم لا يستطيعون أن يجمعوا مؤيدين أكثر من 10 آلاف شخص ولن يكون بمقدورهم تغيير شيء على أرض الواقع.

ويعلق محمد عبدالعزيز، المتحدث باسم تمرد، على الحركة قائلاً: "أرى في هذه اللحظة أن الميدان الثالث تقسم الشعب، هم يعيشون في الماضي، الآن وقت التوافق، نريد أن نمضي إلى الأمام قدماً، ولا يجب أن نسمح لأحد بأن يعيدنا إلى الخلف".