كنت سأكون سعيداً لو نفّذ أميرُ منطقة الجوف تعهده دون سابق إنذار، وقطع الخدمات عن منزلي مديري الكهرباء والمياه. ليستشعرا معاناة المواطنين جراء الانقطاع المتكرر للخدمتين في عز حرارة أغسطس، والذي يتزامن مع شهر الصوم الكريم.
بل سأرقص طرباً في نهار رمضان لو عُمِّم هذا الإجراء على مختلف الأجهزة الخدميّة في كافة أنحاء البلاد. فلا تُعاد الخدمة إلى منزل المسؤول قبل عودتها للمواطن. ليكون بمثابة امتياز وعرض خاص لا يتأتّى إلا لسعادة المسؤول.!
ولو أُخذ بالقرار على سبيل التأديب ستُميز منازل المسؤولين عن غيرها بآثار انقطاع الخدمات الأساسية عنها. بينما العكس في السابق، إذ من البديهي أن يعرف أنّ ذلك المنزل لمواطن "غلبان" من خلال افتقاده لأحد تلك لخدمات.!
ولست على ضلال إن اعتقدت أن كثيراً من أزماتنا المحلية ستتلاشى، وسيصبح المسؤول أكثر حرصاً على راحة المواطن، لأنّ عدمَ راحة الأخير تعني أنّه هو الآخر لن يهنأ بها، فالعرض الخاص سيحصل عليه برسم الخدمة حتى باب بيته.!
بل أتمنّى أنْ يتجاوز الأمر قطع الخدمات عن منازل المسؤولين عنها إلى ما هو أشمل. كأنْ تُضاعف أسعار السلع على السادة مسؤولي وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك، فتُكتب على السلعة الواحدة "تسعيرتان"، إحداهما خاصة بالمواطن العادي والأخرى للمسؤول بوزارة التجارة تحت مسمى "عرض خاص : سعر الحبة مضاعف لسعادتكم فقط . ومرتين لمسؤولي حماية المستهلك".!
وتخيّلْ كيف سيؤول إليه حال مسؤولي الأمانات والبلديات والطرق وهم يجبرون على سلك الطرق الـ"غير صالحة للاستخدام الآدمي"، فيُكتب عليها "عبور خاص لمسؤولي البلديات"، حتى يشعر أحدهم وكأن معدته بدأت تعلو فوق صدره من شدة وعورة الطريق.!
والأمر ذاته على مسؤولي الأجهزة والقطاعات الخدمية، بحيث تُحجب عنه الخدمة (كلٌ فيما يخصه)، فلا تُعاد إلا وهو آخر من يفتقدها.!
أجزم أنه لن تمضيَ أيام على معايشة أولئك المسؤولين لنتائج إنجازاتهم، إلا ويقدم أحدهم تلو الآخر "فرمان" طلب إعفاء من منصبه، وهذه المرة فعلا :"بناء على طلبه" .!