بغض النظر عن أي تفاصيل صغيرة أو كبيرة خلف الحادثة، وبغض النظر عن كل الأيدولوجيات والتحزبات والصراعات الطائفية، وبغض النظر عن ماهية التحريض وهل كان على مستشفى العرضي أم المستشفى العسكري، فإن ما فعلته قناة "وصال" وما زالت تفعله، عار على الإعلام منذ نشأته حتى اليوم، هذا إن كانت تقدم إعلاما فعلا.

مذيع يحسب على أهل الدين والورع، يخرج على الملأ ليحرض المسلحين على اقتحام مستشفى، نعم مستشفى. يقول بالحرف الواحد "سنجيش الجيوش ونسير القبائل على هذا المستشفى ليأخذوا بثأر إخوانهم". الثأر الذي يتحدث عنه مذيع "وصال" كان بين ردهات مستشفى مملوء بالمرضى، وليس في جبهة قتال أو ثكنة عسكرية أو حتى مبنى يحرسه الجند.

بعد أيام، خرجت المشاهد الدموية التي صورتها كاميرات المستشفى الداخلية. كانت مؤلمة لدرجة أن الاستمرار في مشاهدتها يبعث على التقيؤ. مرضى وأطباء وممرضون عزل يقتلون بالقنابل اليدوية والرشاشات، وجدران المستشفى تتهدم على رؤوسهم بسيارة مفخخة. ولا أحد يدري ماذا حدث في قناة "وصال" حينها، ربما كانوا يحتفلون بهذا النصر المؤزر والأخذ بالثأر، قبل أن يعودوا بخطابهم باتجاه الحوثيين لتغييب حقيقة ضميرهم الغائب.

نعم، كان الحدث في مستشفى آخر، ولكن التحريض كائن سواء على هذا المستشفى أو غيره.

هذا هو إعلام قناة "وصال" التي تقدم نفسها تحت غطاء إسلامي شرعي؛ تحريض على الكره والشحن الطائفي والقتل، ومذيعهم نفسه مستمر في بث ثقافة الدم والدعوة للتجييش والزحف باتجاه من يختلف معهم. هذه القناة لا تغدو كونها وجها آخر لقناة "العالم" الإيرانية، والفرق بينهما أن الأخيرة أغلقت و"وصال" مازالت تحرض.

ما يبعث على الضحك في هذه المناسبة التي يدمى لها القلب، أن هذه القناة كتبت للتعريف عن نفسها في ويكيبيديا أنها "قناة تسعى لتعميق الترابط الأسري وتحقيق التواصل الاجتماعي، ونشر المحبة والألفة بين المسلمين". نعم هذه هي المحبة والألفة في ميثاق "وصال" الإعلامي، تحريض على قتل المسلمين ودعم لإرهاب القاعدة وحث حثيث على صناعة الموت.