في أكتوبر الماضي، كنت مستقلا قطار أنفاق نيويورك، ولم يكن أمامي إلا مطالعة صحيفة "مترو" المجانية، قلّبت صفحات الجريدة دون اهتمام، بيد أنني توقفت أمام مجموعة صور شخصية مبهرة فُردت على صفحات متتالية، لم تكن سوى قطرةٍ من بحر صور مدونة "Humans of New York" أو "بشر نيويورك".
كانت هذه الصور من إبداع الشاب "براندون ستانتون"، الذي بعد أن فقد عمله في شيكاغو لم يتوقف عن ملاحقة حلمه في التصوير الضوئي، فهاجر إلى نيويورك ولمعت في ذهنه فكرة التعرف على شتات هذه المدينة المتنوعة بواسطة تصوير الناس في طرقاتها، ثم تطورت الفكرة إلى إنشاء مدونة تحتوي على صور قاطني أحياء محددة من المدينة، لكنه بعد فترة من الزمن وجد أنه أضحى يلتقط الصور عشوائيا، كما لو كان يجمع تعدادا سكانيا للمدينة، ولكن بواسطة الصور!
وصار عمل "براندون" اليومي أن يحمل "كاميرته" ويتجول في المدينة، ليتقط صورا مختلفة لأناس عاديين، ولم يتقصر الأمر على ذلك؛ بل كان يضيف بضعة كلمات من وحي الصورة، سواء كانت وصفا لبطل الصورة، أو إجابة منها على سؤال سريع يتعلق بتاريخها أو عملها الحالي، أو أي تساؤل يخطر في باله، يقول "براندون": "إنني أصور ما يجعلي سعيدا.. الأمر الذي تحول ليصبح مصدر سعادة للآخرين"، والحقيقة أنه استطاع جمع تشكيلة رائعة من صور جميلة، معبرة، ومفرحة، تعكس روح تنوع مدينة "نيويورك"، الأمر الذي جعل المدونة تمتد إلى كتاب ضخم، وحساب "إنستغرام" يتبعه ما يزيد عن ثلاثمئة ألف متابع حاليا.
والآن عزيزي: حاول أن تدخل المدونة، وتستمتع بالصور والشرح المرافق، حينها سوف تكتشف كم هي الحياة واسعة، وكم هذه الصور المتنوعة؛ هي في الحقيقة أكثر من كونها مجرد صور شخصية وفقط!