"لا تجبريني أفطر".. "صايم وزهقان".. "لا تنسون أني صايم".. كلمات تتكرر وبشكل يومي على "أم خالد" من زوجها، ولكن ليست وحدها، إذ تشكو العديد من العائلات من المشاحنات وعراك الساعات الأخيرة من موعد الإفطار، وهي سلوكيات عارضة أرجعها أخصائيون إلى انخفاض مستوى السكر بالدم، وزيادة هرمون الأدرنالين ونقص السوائل في الجسم وهبوط بعض وظائفه. وتقول "أم خالد" إن هذه الكلمات التي تسمعها طوال رمضان من زوجها باتت هاجسها الأول وأنها لا تستطيع التحدث مع "أبوخالد" إلا بعد الإفطار تحاشيا للمشاحنات التي قد تحدث بينهما دون سبب.

وتشاركها المعاناة ذاتها "أم سليمان" ولكن مع أبنائها الثلاثة، وتضيف أن المشاحنات بينهم تصل إلى حد الضرب بالأيدي، مشيرة إلى أنهم يقضون الساعات القليلة قبل موعد الإفطار في عراك دون سبب قائلة: يأتون للإفطار معي في بيت العائلة، ولكن الساعات الأخيرة اعتبرها لحظات الغضب، فما أن يبدأ أحدهم بالحديث حتى تبدأ معه ساعة العراك في مشهد متكرر ينتهي بهم إلى إفطار مأساوي.

ويعترف مخلف الشمري بأن العصبية سمة من سمات شخصيته في شهر مضان بسبب إصابته بمرض السكر، مشيرا إلى أن أكثر المتضررين من انفعالاته هُم أفراد أسرته، لكنهم يلتمسون له العذر، فضلاً من أنه سرعان ما يبادر بالاعتذار بعد الإفطار خاصة لزوجته عندما تهدأ أعصابه.

من جانبها، أكدت أخصائية علم الاجتماع بتعليم القريات عنود السالمي أن العديد من السيدات يعانين من عصبية أزواجهن وأبنائهن الذكور في فترة الصيام، وأن هناك من يقلن إن أفراد عائلتهن لا يتحدثون مع بعضهم البعض، وإن تحدثوا جاء كلامهم مشحونا بالغضب، يتذرعون بأبسط الأسباب لخلق مشكلة مع الأهل في البيت. وأردفت: لا شك أن العصبية وحالات الغضب نهار رمضان والتوتر تفسد على الجميع فرحة الصيام.. خاصة إذا صاحبتها سلوكيات مذمومة تؤدي إلى مشكلات اجتماعية.

من جهتها، أكدت أخصائية الطب النفسي بمستشفى الصحة النفسية بالقريات الدكتورة هدى حسين أن العصبية في الصيام، خصوصا وقت العصر، تأتي نتيجة لانخفاض مستوى السكر بالدم، وكذلك زيادة هرمون الأدرنالين والعطش مما يسبب هبوطا بوظائف الجسم ومنها وظائف الكلى فتزداد المواد السامة بالجسم وتزداد مادة اليوريا مما يتسبب بالتوتر والعصبية، بعد أن يقل الكورتيرون ويقل معه التركيز.

وأضافت أن قلة السوائل بالجسم بسبب تأثير الحر تؤثر على العمليات الحيوية بالجسم لأن الماء أصل كل شيء حي، وأن قلته وقت الصيام تسبب ارتفاع درجة الحرارة مما يتسبب في إجهاد عام، نتيجة نقص السكر بحيث يحدث خلل في هرمون الغدة الدرقية مما يسبب العصبية الزائدة نتيجة ارتفاع في هرمون الغدة، كما أن الهبوط المفاجئ في الهرمون يؤدي إلى الاكتئاب والكسل، وعدم القدرة على التحكم في الانفعالات السريعة والغضب والعصبية.

وتابعت أن حالات العصبية والغضب تكثر أيضاً لدى الأشخاص الذين يدمنون على التدخين، وتناول القهوة بكثرة، مشيرة إلى أن العديد من الدراسات العلمية أثبتت أن نقص نسبة المياه والجلوكوز في الدماغ يؤدي إلى سرعة الغضب والعصبية، خاصة عندما تقل نسبة الماء في الجسم.

واختتمت حسين: الانقطاع المفاجئ للمنبهات في وقت الصوم خاصة التي تحتوي على مادة الكافيين جميعها من الأسباب التي تؤدي إلى سرعة الغضب، بسبب الانقطاع المفاجئ للمنبهات في فترة الصوم.