أغلب الأعمال الدرامية العربية تصور لنا الحالات والظواهر الاجتماعية النادرة التي لا تشكل إلا نسبة قليلة من بيئتنا ومجتمعنا الإسلامي والعربي على أنها هي الظاهرة والصفة السائدة في حياتنا. الآن في رمضان من خلال تنافس الفضائيات بالأعمال الدرامية نجد مسلسلا مميزا على قناة "إم بي سي" ويسير بأصداء جيدة بين الجمهور من بطولة النجمة المصرية منى زكي وهو مسلسل "آسيا" هذا المسلسل قدم لنا بشكل مسلسل درامي يتمتع بأفضل الإمكانات الإخراجية والإنتاجية وهو لا شك مسلسل قوي وبه لمسات احترافية.
ومن أبرز السمات لأصحابه على مر العصور (حب الفنون التشكيلية والانغماس بالرقص والموسيقى والتوغل فيهن)، هذه الصفات والسمات جميعها تمركزت في مسلسل "آسيا" أو بالأحرى شخصية آسيا التي تقوم بها منى زكي.
آسيا الفنانة التشكيلية التي تقع لها حادثة تفقدها ذاكرتها فتجد نفسها في بؤرة فساد لا يحيط بها إلا تجار مخدرات وأصحاب رقص ومزمار، هذا في واد والمشاهد الجريئة البحتة في واد آخر، هذا العمل فوجئت به ولم يكن بمخيلتي أن الممثلة صاحبة الملامح البريئة واللطيفة منى زكي تقوم بمثل هذا العمل الجريء والغامض!
المسلسل يسير في رتم بطيء جدا يوصلك إلى درجة كبيرة من الملل بسبب قلة المشاهد والحوار التي تعد على أصابع اليد الواحدة، أغلب الحلقات قائمة على الموسيقى التصويرية إضافة إلى الغموض الكبير الذي أدخلنا في المتاهات والألغاز غير المفهومة بالحوار القليل جدا، الغموض الذي يسود هذا المسلسل جعله كأنه أحد أفلام المخرج (يوسف شاهين) التي تجعل المشاهد ينشغل بالتفكر بالحوار والسيناريو لمحاولة فهمه. المشاهد الآن يبحث عن ماهو ممتع ومثير دراميا، ولا بد من إعطاء المشاهد مفاتيح ما هو قادم إليه في الحلقات التالية من المسلسل، لكي يكون على درجة عالية من الإثارة والتشوق لمعرفة الآتي لأنه يكون بين صحة توقعه الخاص للأحداث أو العكس من توقعه. القائمون على مسلسل "آسيا" وما شابه مسلسل "آسيا" ألم يتسنى لهم أن يقدموا مثل هذا العمل بعد الشهر الفضيل والمبارك! هذا العمل الذي يحمل فكر الحادي ومشاهد لا تليق بالأسر المتابعة للتلفزيون، المشهد والحوار الذي برهن على إلحاد المسلسل هو ما دار بين"آسيا" ومعلمها الروحي عندما قامت بالفضفضة له بأنها ليست فاهمة سبب وجودها في الدنيا وما زالت تبحث عن روحها وأن إيمانها كله بالدهر، ولا توجد حياة أخرى لها غير حياتها وما سيحدث لها بعد الحياة، كان حوارا فلسفيا طويلا جدا من خلال الإسقاطات التي يتناولها، وأن "آسيا" ليست فاهمة سبب الحياة وبقاء قيدها وما زالت تبحث عن نفسها في روحها. هذا المسلسل صور العالم بأنه سوداوي وجعل المشاهد مقشعر البدن.