نسمع كثيراً عن التعلم من الأخطاء، ولكن العودة إلى النقطة صفر بعد نضج التجربة أمر نادر الحدوث ومخيب للآمال، وعندما نقرأ تحولا كهذا في مجال تنظيم المؤتمرات والمعارض تحديداً، يتبادر للأذهان حساسية ودقة العمل فيه، والتي لا تقبل تجاهل الأخطاء مهما كانت صغيرة، فبمجرد تقديم فقرة أو تغيير برنامج ما، فهذا كفيل بإحداث خلل يسيء للحدث بأكمله، ومن هنا جاءت أهمية التنظيم المسبق والتخطيط الدقيق قبل إقامة المؤتمرات بفترات مناسبة لا تقل عن شهرين على أقل تقدير.
منتدى الرياض الاقتصادي في دورته السادسة، وبعد 10 سنوات من التجربة، أجبر ضيوفه على حضور حفل الافتتاح وقوفاً، وسط سوء تنظيم شهدته جنبات قاعة الحفل، مما دفع مسؤولين إلى مغادرة القاعة، مخلفين وراءهم علامات استفهام كثيرة حول تنظيم المنتدى الاقتصادي الأضخم على مستوى العاصمة، رغم حجم الدعم الكبير.
رعاة المنتدى كان لبعضهم نصيب من التجاهل والإهمال، حيث فوجئوا بعدم وجود مقاعد مخصصة لهم، ونقل مراسم تكريمهم إلى المعرض المصاحب، إلا أن الخلل التنظيمي أعاق وصولهم إلى المعرض لاستلام الدروع من راعي الحفل.
بإختصار.. لا يمكن وصف التنظيم إلا بأنه أقل وأقل بكثير من حجم الحدث الذي ينتظره كثير من المسؤولين والاقتصاديين والمهتمين بالقطاع الخاص في المملكة بشكل عام، وهنا يبرز سؤال أكثر أهمية، ألا وهو كيف لمنتدى يقوده القطاع الخاص الذي عرف بالمبادرات وقيادة مسيرة الاقتصاد الوطني وتهيئته لمجابهة التحديات، أن يظهر بهذا الشكل الذي يدل في مجمله على أن قطاع تنظيم المؤتمرات والمعارض خارج دائرة التطوير.
إن منتدى بهذا الحجم يقوم عليه القطاع الخاص، لا بد أن يكون منصة عالية المستوى، وواجهة مشرفة للقطاع الخاص أمام المسؤولين والدبلوماسيين والمطورين من رجال الأعمال والشركات الأجنبية، حتى تعكس الصورة الإيجابية لما وصل إليه الاقتصاد وتوفر البيئة المناسبة للنقاش والتحاور، إلا أن الواقع كان مغايراً في حفل إطلاق المنتدى أول من أمس، وكأن لسان حال المشاركين والضيوف يقول: "ما هكذا تورد الإبل".