تعرض كثير من دول العالم خلال السنوات الأخيرة إلى موجة من الهجمات على أهداف اقتصادية وأمنية عبر شبكات الإنترنت. وقد أدت هذه الهجمات إلى تضافر الجهود الدولية لحماية البنية التحتية للمعلومات الهامة والدفاع عن المصالح الاستراتيجية. ويبين تقرير نشرته مؤسسة "راند للأبحاث" أن استراتيجيات أمن الإنترنت أصبحت تُعتبر آليات هامة للتعامل مع هذه المخاطر. الهيئات المعنية بالتنسيق في سياسة أمن الإنترنت بين الدول متنوعة، ففي بعض الدول تكون الهيئة المشرفة تابعة لوزارة الدفاع وفي أخرى لوزارة الداخلية وفي بعضها تشرف عليها إدارات الأمن القومي، وهذا التنوع قد يشكل عائقاً أمام التعاون الدولي في هذا المجال بسبب اختلاف تخصص كل وزارة من هذه الوزارات والهيئات.

تكاثر مخاطر الفضاء الإلكتروني

تهديدات الفضاء الإلكتروني تشمل الخصوم الذين يظهرون استعدادا وقدرة على استغلال الفضاء الإلكتروني لإلحاق الضرر بالحياة، أو المعلومات، أو العمليات، أو البيئة، أو الممتلكات. هؤلاء الخصوم يشملون جماعات الجريمة المنظمة، والمحتالين، والجماعات الإرهابية، ودولا عدوة وعملاءها. ففي فرنسا، هناك شكوك بأن الصين تشكل خطراً كبيراً في هذا المجال. أحد بواعث القلق الفرنسي أن تكون الأجهزة الإلكترونية المستوردة من الصين تحوي "قنابل منطق"، أبواباً خفية، وأحصنة طروادة إلكترونية، ويمكن التحكُّم بجميع هذه الفيروسات عن بُعد. هولندا اتهمت الصين وإيران وروسيا وجهات أخرى بأنها تشكل أكبر خطر عليها في مجال الفضاء الإلكتروني.

الولايات المتحدة أيضاً اتهمت الصين بشكل رئيسي. في تقرير صدر مايو 2013، اتهم البنتاجون السلطات الصينية بشن هجمات على أنظمة الكومبيوتر الحكومية الأميركية وعلى الشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع في محاولة لسرقة معلومات استخباراتية.

وقد بدأت المبادرات الدولية التي تخص الدفاع عن الفضاء الإلكتروني بالظهور في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي. وقد وقعت كل من بلغاريا وإستونيا وبولونيا وسلوفاكيا وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة اتفاقيات تعاون مع الناتو في حال التعرض إلى هجوم إلكتروني. كما يقوم الناتو بتعزيز مركز التميز التعاوني للدفاع الإلكتروني الذي تأسس في تالين، إستونيا في 2007. ويقوم المركز بجهود تشارك فيها إستونيا، وألمانيا، وهنجاريا، وإيطاليا، ولاتفيا، وليثوانيا، وبولونيا، وسلوفاكيا، وإسبانيا، وهولندا، وأميركا لتحسين التشغيل البيني للدفاع الإلكتروني.