في هذه الزاوية الرمضانية، نحاول أن نأخذ قراء "الوطن" إلى حياة كتابها، ليعرفوا عنهم أكثر من معرفتهم بتوجهاتهم ورؤاهم وأساليبهم.. باختصار؛ نأخذ القراء إلى جوانب خفية من حياتهم.. وضيفنا اليوم هو الكاتب أحمد عسيري صاحب زاوية "داخل الأقواس".

لماذا تكتب؟

أكتب لتحريك بعض المكبوتات، ولتحقيق إشباعات ذاتية مواربة تتمدد ما بين التفكير والتعبير، ولمقاومة الانمحاء والفقد، والاحتفاء مع الآخرين في التعاطي مع المشهد والتجربة الكتابية المسهمة في زيادة منسوب الوعي.

هل تقرأ قبل أن تكتب، أم إنك تكتب بناء على الرؤى المختزنة والمكتسبة من مصادر كثيرة؟

لا أجدني جميلاً إلا بين كتبي، والقراءة هي إغناء للفكرة، فهي تقودك إلى الحفر المعرفي الذي يحتمي به العقل وتستيقظ به الحواس، ولذا أقرأ قبل الكتابة كاحتياج إنساني وكباعث للبهجة والدهشة والحراك الذهني المنتج الذي يخدم الفكرة والموضوع.

إذا تصفحت "الوطن" ولك فيها مقال منشور، فهل تقرأ مقالاً قبل مقالك، أم إنك تبدأ بمقالك؟

أبدأ بمقالي، لا إعجاباً بما أكتب ولكن لأطمئن إلى سلامة ما قلته، من حيث اللغة وعثرات الإعراب وقواعد الإملاء، التي قد تفلت منك أو من المصحح والمراجع، وخاصة أن قدرك قادك للكتابة في صفحات "الثقافة"، مما يجعل أخطاءك باهظة لا تغتفر.

هل تزعجك اتصالات الصحيفة بك؟

اسألوا صديقي المبدع محمود تراوري كم عدد اتصالاته العذبة في السنوات الماضية. إنها بمعدل اتصال واحد في العام، كان آخرها يستشيرني في نشر المقال يوم الاثنين بدلاً من السبت، حيث يطاردني "الإعلان" بصورة شرسة. لا تزعجني اتصالات "الوطن"، لأنهم أصدقائي قبل كل شيء.

هل تحرص على تصحيح مقالاتك نحوياً وإملائيا، أم إنك تترك ذلك لقسم التصحيح؟

أنا شديد الحرص على اللغة وسلامتها، فالكتابة محاولة لنقل الظاهرة الصوتية السمعية إلى ظاهرة كتابية مرئية، واللغة تسمع بالإذن، والكتابة ترى بالعين، ومن هنا، فالخطأ وارد ولكن بصورة أقل.

هل يهمك مكان مقالك وطريقة إخراجه، أم إن نشره يكفيك؟

أنا أسكن هذا المكان منذ عشر سنوات أو أكثر، أمارس فيه البوح والمكاشفة واستنبات ما يعن في الخاطر، ولذا لا أتوقع رحيلي أو انتقالي إلى حي أو دار أخرى في الصحيفة، إلا أن تكون بالخلع أو الإزاحة على طريقة مرسي مصر.

هل أنت شخص ملتزم بالمواعيد، أم إن المزاجية هي التي تحكمك؟

إن كنت تقصد في العمل الصحفي، فالصحافة لا تعرف المزاجية، فهي محرقة، وقودها الالتزام والانضباط، والتوازنات اليقينية المفرطة ما بين الصحيفة والكاتب، مما يحقق التماسك في الأداء وصيانة العمل الصحفي من الفوضى والفشل، أما إن كان على الصعيد الشخصي فالتزاماتي الحياتية تجعلني في حلٍ من تقديم مواعيد لا ألتزم بها، وأكون تحت طائلة "إذا وعد أخلف".

لو عاد بك الزمن 20 عاماً إلى الوراء، ثم سار بك إلى الأمام من جديد فما القرار الذي لن تكرره؟

هو اعتزال المنابر أو الوقوف عليها بعد ذلك الولع الشديد، ولكيلا أكون "ثرثارة في كل نادٍ يخطب".

ما أكثر شيء يغضبك؟

الجحود ومحاولة قتل الآباء ومحوهم.

وما أكثر شيء يسعدك؟

الجلوس مع حفيدي أحمد بكل ما فيه من شقاوة ومكر.

وجه رسالة قصيرة إلى شخصية حقيقية أو اعتبارية؟

إلى وزارة الإسكان حيث لم أشهد لها وجوداً ولا حساً ولا أثراً في منطقة عسير، وعسى ألا تكون قسوة الطبيعة الجبلية خلف هذا الغياب، ليكون نصيبنا من الإسكان عددا من الكهوف والمغارات، كما أتوقع.