إن الموهبة مفهوم يدل على إمكانية الفرد الثرية والخلاقة التي تنبع من أعماقه.. هذه الموهبة التي وضع لها مركز مهم، ينتقي من أفراد المجتمع، يدعمهم، ليثري من؟ إن المجتمع الذي يريد أن يقطع شوطا بعيدا من النجاحات والطموحات الخلاقة، ينبغي ألا يتردد في طرح تساؤلات مهمة لتحقيق ما يريد. هذا الاستحسان في مواهب معينة.. هل سيسهم فعلا في إبداع المجتمع؟ هل فعلا سيتم اختيار الإنسان المناسب في المكان المناسب؟ هل المراتب الاجتماعية وراثية؟ ماذا يعني تكافؤ الفرص؟
هل سيتاح لمن لديهم روح معنوية عالية ممن يمتلكون مقومات العمل المتقن والمتميز أن يحصلوا على عمل يليق بهم، أم يظل أحدهم يعيش في مرارة وسط مجتمع بخس حقه مرتين: الأولى، أنه لم يقدره. الثانية، أن من أعطي العمل نيابة عنه بكل بساطة ظلم المجتمع بمحدودية قدرته؟ كم عدد الأشخاص غير المناسبين في الأماكن غير المناسبة لشيء مناسب؟ كيف ينمو المجتمع في تربة جافة لا يستطيع من هو على القمة دفعهم للنمو؟ هذا الانتقاء الظالم أليس له ردة فعل؟ هل المشكلة في إبراز الموهوب؟ ثم ماذا؟
لقد كشفت الحجب على من عملوا لسنوات بشهادات وهمية، قوانين السعودة هناك من جعلها وهمية، وهناك ترى الأجانب رأي العين، يعملون في أعمال مهمة رغم وجود مواطنين ومواطنات مؤهلين يتقدمون لهذه الوظيفة فلا ينظر إليهم. هذه التجاوزات على القوانين تجعل المجتمع غير متوازن، يشعر بالظلم، وأن الدائرة للمكانة الطبقية لفئة ما تدور على نفس الفئة. إن السؤال الجذري هو: كيف تدفع الدولة الميزانيات الهائلة لتزويد الناشئة بالمواطنة الصالحة، وتتيح لهم في نفس الوقت الفرص المتنوعة لقدراتهم التي يمتلكونها؟ هنا تكمن المعادلة المتوازنة. حان الوقت لتخطي حدود قيدت إمكانات جبارة من النهوض. هل هذه المعضلة لا يستطيع مجتمعنا الفكاك منها؟ ليست الموهبة فقط هي ما تنتج لنا القمة التي نبتغيها. إن المجتمع الصالح هو المجتمع الذي يتعامل مع مواطنيه بحكمة وإنسانية وعدالة مطلقة. هذه المفاهيم هي الوحيدة التي تتيح للروح المعنوية العالية أن تسود المجتمع. فالحاجة العليا من الأداء لكل فرد تنطلق شرارتها ليست فقط من موهبته، بل من إحساسه بالعدالة والتقدير.. شعوره القوي باحترام الذات واحترام الآخرين. وهذا لا يتحقق في مكان يشعره باللامبالاة بما يميزه، فيتبلد الحس ويعمل على مضض بجانب تلبد البليد، والمحصلة أخطاء تجر أخطاء.